علاقات متغيرة ومقتل الخليفة
علاقات متغيرة ومقتل الخليفة
تبع تلك الأحداث تحالف سلطان السلاجقة العظام في خراسان “سنجر” مع عماد الدين زنكي وخصمه دُبيس بن صدقة لإخضاع سلاجقة العراق لسلطانه مقابل إقطاعهما بعض الإمارات، واستطاع زنكي ودبيس في عام 526هـ الانتصار على جيوش حاكم أذربيجان “مسعود” الذي حاول التصدي لهما بعد صلحه مع أخيه سلجوق شاه، ثم زحفا إلى بغداد لمحاربة الخليفة المسترشد لكنهما هُزما لينسحب زنكي إلى الموصل مرة أخرى.
ولم يعنِ هذا أن زنكي قد خسر جرَّاء هذه الأحداث، فقد استطاع الحصول بالفعل على مدينة أربل المهمة عسكريًّا، واتسعت شهرته كأمير ذي قوة ونفوذ، إلا أن العلاقات بينه وبين الخلافة العباسية قد تدهورت على نحو كبير، ووصلت إلى أنه في عام 527هـ سار الخليفة العباسي إلى الموصل بثلاثين ألف جندي ليحاصرها، لكن تسبَّبت بعض الخلافات الداخلية في بغداد بتشتيت الحصار العباسي على الموصل وإعلان فك الحصار بعد ثلاثة أشهر، ليتخلَّص زنكي من ذلك الخطر الكبير.
تبدَّلت الأحوال بعد ذلك، ففي عام 529هـ اشتعلت الحرب بين الخليفة العباسي والسلطان مسعود وانتهت بهزيمة قوات الخليفة وأُسره ثم قتله، وعُيِّن مكانه ابنه أبو جعفر منصور الملقب بالراشد بالله 529هـ ثم المقتفي لأمر الله 530هـ بموافقة السلطان مسعود الذي قتل أمير الحلة “دُبيس بن صدقة” وحاول تدبير مؤامرة ضد زنكي لكنه فشل، ثم انتهى الأمر بينهما إلى إنهاء حالة الحرب وإعلان الصلح عام 532هـ.
الفكرة من كتاب السلطان الشهيد عماد الدين زنكي
لم يكن المشروع الإسلامي الذي حقَّقه صلاح الدين الأيوبي ومن قبله نور الدين زنكي إلا استكمالًا لما بدأه قائد مُسلم وسياسي بارع يُدعى عماد الدين زنكي، إذ بدأ الأمر من مدينة لم يتوقع أحد أنها ستكون يومًا ما الانطلاقة نحو توحيد مصر وبلاد الشام وتحرير الأقصى، وهي مدينة الموصل.
وفي الوقت الذي ضعفت فيه البلاد الإسلامية وتفكَّكت حتى اعتبرت كل مدينة نفسها دولة تحارب جارتها المسلمة، يخرج هذا الأمير أو كما عُرِف بالأتابك، من إمارته الصغيرة نحو مشروعه الضخم الذي سيشهد نجاحًا غير مسبوق استحق تحرير الأقصى!
مؤلف كتاب السلطان الشهيد عماد الدين زنكي
علي محمد محمد الصلابي: فقيه ومؤرخ ومحلِّل سياسي ليبي الجنسية، نال درجة الماجستير في أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن، كما حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية.
له العديد من المؤلفات منها: “دولة السلاجقة: موسوعة الحروب الصليبية”، و”الشورى فريضة إسلامية”، و”صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي”، و”فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب”.