عقبات انتشار الثقافة الإسلامية
عقبات انتشار الثقافة الإسلامية
واجهت الثقافة الإسلامية العديد من التحديات على رأسها الغزو العسكري على مر القرون الماضية ومحاولاته مسخ ثقافة البلاد الإسلامية واستنزاف ثروات البلاد، واستمر ذلك الغزو الأجنبي حتى بعد خروج المحتلين من البلاد العربية من خلال التلاعب بالأفكار والعقول، بعد أن أدرك الأعداء أن الغزو المسلح لا يكفي لإضعاف الثقافة الإسلامية، فعمدوا إلى الإعلام لتشويه صورة الإسلام والمسلمين والإساءة إلى معتقداتنا وشعائرنا وسلفنا وعلمائنا، وبث سيول الشبهات التي تشكِّك في الدين وأحكامه عن طريق الأفلام والتمثيليات والمسرحيات التي تتهكَّم بالإسلام وتمجِّد الجريمة وتدعو إلى الفسق وتنفِّر من الحياة المستقيمة الفاضلة وتتخذ الدين هزوًا، وتعرض ما حرَّم الله في كل مكان باسم الفن، وازداد خطر هذه الوسائل مع انتشار الفضائيات والإنترنت حيث نجد المواقع التي تثير الشبهات، وتشكِّك في العقائد، وتنشر المذاهب الباطلة، وأسهمت الدراسات الاستشراقية بدور كبير في تدعيم تلك الصورة المشوهة، حيث تخلَّوا عن أمانتهم العلمية لتأييد المحتل، يقول مراد هوفمان: “والحق أن معظم المستشرقين عن وعي أو بلا وعي كانوا أداة لخدمة الاستعمار”.
كما حرصت الدول الأوروبية على تشجيع العلمانية في البلاد الإسلامية بإقصاء الإسلام من شتى شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، ومحاربة الدعوة الإسلامية لا سيما الجمعيات الخيرية الإسلامية واتهامها بدعم الإرهاب ومصادرة ممتلكاتها.
إلى جانب حملات التغريب وفرض الثقافة والقيم الغربية على نحو عام والأمريكية على نحو خاص في بلدان العالم من خلال وسائل الإعلام والمنظمات المختلفة عن طريق استغلال التفوق التقني والسياسي والاقتصادي والعسكري للهيمنة على الثقافات الأخرى، وبخاصة ما يتعلق بشؤون الأسرة والمرأة والطفل المساواة والشذوذ والحقوق الجنسية ونشر ثقافة الترفيه والفردوس الأرضي والدعوة إلى القوميات المتنوعة، وتهميش التعليم الديني وإضعاف اللغة العربية وانتشار اللهجات المحلية، مما أدى إلى الجهل بالإسلام وعقائده وأحكامه في كثير من بلاد الإسلام وانتشار البدع والخرافات.
وأدَّت الهزيمة النفسية لدى بعض المسلمين واهتزاز الثوابت لديهم إلى نشوء طبقة من المثقفين المستغربين المنبهرين بالغرب وثقافاته والذوبان الكامل فيها.
الفكرة من كتاب الثقافة الآمنة
كَثُر في الآونة الأخيرة الحديث عن الثقافة، وقُسِّم الناس إلى مثقفين وغير مثقفين، ومُجِّد المثقفون عن غيرهم، وأصبحت المجتمعات تُوزن بقدر ما فيها من المثقفين وبمقدار ما ينتشر فيها من الثقافة، كل ذلك دون وجود مقياس واضح أو تعريف محدد لمصطلح “الثقافة”.
وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب مفهوم الثقافة، وآليات التحصيل والبناء، ومن يكون المثقف، وما عقبات انتشار الثقافة، وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل.
مؤلف كتاب الثقافة الآمنة
محمد بن موسى الشريف: داعية إسلامي سعودي، وطيار، وكاتب، وباحث في التاريخ الإسلامي، ومتخصص في علم القرآن والسنة، وُلد في جدة عام1961م، جمع بين عدة أعمال، فإضافةً إلى كونه طيارًا مدنيًّا، فقد تمكَّن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر، واعتقلته السلطات السعودية في أكتوبر 2017م.
له العديد من المؤلفات منها: “المرأة الداعية”، و”عجز الثقات”، و”مقياس العمل المؤثر”، و”الأمن النفسي”، و”التنازع والتوازن في حياة المسلم”، و”ظاهرة التهاون في المواعيد”، و”كيفية قراءة التاريخ وفهمه”، و”اللطائف والنوادر”، و”ذكريات طيار”.