عصور الازدهار والتهاوي والنظام اللاإنساني
عصور الازدهار والتهاوي والنظام اللاإنساني
برز عصر الازدهار منذ عهد أوغسطس في أواسط القرن الثاني، حيث تطوَّرت النشاطات الاقتصادية والأبنية والمدن وحتى الأغراض العادية اليومية، وكبرت حركة الملاحة البحرية، وازداد نشاط التجار والمسافرين بفضل الطرق البرية التي بناها الجيش والإداريون، كما تعدَّدت الزراعات وتربية المواشي، خصوصًا في سوريا ووادي النيل العظيم باعتبارهما من الأقاليم الخصبة التي تمدُّ الإمبراطورية بالمؤن، كما ازداد النشاط الحرفي والمعامل الصناعية في الريف المزدهر، واستُخرج الحديد من بلاد الغال.
بدأت أزمات الدولة الرومانية الاقتصادية تتفاقم في القرن الثالث، فحاول الأباطرة التعامل معها مثل نيرون الذي عمد إلى خفض العملة الذهبية والفضية، وطراخان الذي فرض على المشايخ والأعيان استثمار ثلث رأسمالهم في إيطاليا كونهم المُستفيدين الوحيدين من هذه الأزمة، لكنهم لم يقوموا بسياسة اقتصادية إصلاحية دائمة، وزادت الأحداث العسكرية والسياسية من حدة الوضع، فبين عامي 250 و 274م أُصيب النظام النقدي واختفت العملة المعروفة بالـ”سسترس”، وانحسرت المبادلات الخارجية بسبب تردِّي العلاقات مع الإمبراطورية الفارسية ومع الجرمان الأحرار، كما ندرت عملة الدنير (الدرهم)، فأوجد الإمبراطور كاراكلا عملة فضية جديدة لدفع أجور الجنود سُميت “أنطونينيانوس”.
اتصفت السيطرة الرومانية ونموذجها الاجتماعي بعدم المساواة، إذ استمر احتقار الأغنياء للفقراء واستمرت العبودية بل وازدهرت، كما لم تتغيَّر النظرة الإمبراطورية الفوقية إلى الأقاليم التي كانت سببًا في ازدهار روما بسبب الضرائب والتجارة، ونتج عن ذلك تمرُّد الشعوب كسكان بلاد الغال بسبب التدخُّلات العسكرية على نهر الراين والإلزامات الرومانية القاسية بخصوص الضريبة والتجنيد العسكري، هذا بالإضافة إلى التمرُّد الأفريقي عام 238م، وتمرد ماترنوس الهارب من الجندية الذي انطلق بأنصاره من ألمانيا نحو بلاد الغال عام 185م وحتى 187م، وكذلك ثورة رعاة البقر المصرية عام 172م والتي قادها الأسقف إزيدور، وقضى عليها القائد أفيديوس كاسيوس الروماني بصعوبة بالغة.
الفكرة من كتاب الإمبراطورية الرومانية
تُعدُّ الإمبراطورية الرومانية إحدى كبرى إمبراطوريات العالم القديم رقعةً وتأثيرًا، كما أنها تميَّزت بطول عمرها على عكس معظم حضارات الأرض، مما دعا الكاتب إلى أن يؤلف كتابًا لن يلجأ فيه إلى الأحداث المتتابعة سواءً العسكرية أم التاريخية بقدر ما سينظر في أمور هذه الإمبراطورية إداريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، وكيف لهذه الأمور أن تكون سببًا أول في سقوطها على نحو واضح حتى قبل التهديدات الخارجية.
مؤلف كتاب الإمبراطورية الرومانية
باتريك لورو: أكاديمي وباحث فرنسي، وأستاذ في علم التاريخ في جامعة باريس الثالثة عشرة، وأستاذ علم الآثار في جامعة تولوز الثانية وأستاذ زائر في معهد الدراسات التاريخية المتقدمة في جامعة برنستون، نال درجة الدكتوراه في عام 1980 عن أطروحة بعنوان “الجيش الروماني والمنظمة الإيبرية”.
من أبرز أعماله:
بول فينيه والمؤرخون.
نقوش بايلو كلوديا الرومانية.
الإمبراطورية الرومانية في الغرب.
الفن في إسبانيا والبرتغال في العهد الروماني.
الرومان في إسبانيا: سياسة المدن والمقاطعات.