عصر القوة
عصر القوة
قد نظن أن هذا المجهود قد يكفي ويجب أن يستريح الرسول والمسلمون، لكن وجهتهم كانت أكبر من ذلك، فهذه الدعوة لم تخص أمة بعينها، بل جاءت للعالمين، ولم تنتهِ المصاعب بعد قريش، فواجه الرسول فئة خطيرة، أي المنافقين، وهم من يظهرون للناس خلاف ما يبطنون، لكن الرسول رفض أن يكون لهم عقاب صريح في ذلك الوقت لئلا يفعل مثله أصحابه من بعده، ولكنه اهتم بأمر آخر وهو إقامة دولة قوية، وتوجيه الرأي العام لما يعرف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورفض القيم الفاسدة في الأفراد رغم أنه لم يصادر الحريات، قوانين كثيرة للدولة الجديدة تقوم على العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية، أما بالنسبة لليهود الموجودين في الدولة فقد نصَّت القوانين على منعهم من التعامل المالي مع قريش أبدًا، وبدأت الأمور الربانية للرسول بالتمكين والقوة، فبدأ بتشكيل السرايا لقطع الطريق على القوافل التجارية الخاصة بقريش لتعويض خسائر المهاجرين التي سُلِبت بسبب قريش، كما أن هذه الأحداث هي تمهيد لحرب بين الجهتين، وقد حدثت بالفعل موقعة بدر التي انتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم وكانت بمثابة تعريف للقبائل المجاورة بقوة المسلمين ومن ثم عقد التحالفات معهم، لكن اليهود لم يتأثروا بقوة النبي وقومه ونقضوا عهدهم فقتلوا أحد المسلمين، فحاصرهم المسلمون ثم أخرجوهم من المدينة بدلًا من قتلهم، ثم بعدها جاءت معركة أُحد التي احتار الكاتب في وصف نتيجتها أهي هزيمة للمسلمين أم نصر لهم؟ فقد انقلبت فيها الأوضاع لأكثر من مرة بعد انتصار المسلمين في البداية لكنهم فرحوا بالغنائم وترك الرماة أماكنهم مما كشف ظهر المسلمين، وكبَّدهم ذلك الكثير من الخسائر في الأرواح وعبث المشركين بجثث المسلمين، ثم غزوة الأحزاب التي أشار عليه فيها سلمان الفارسي بحفر الخندق حول المدينة، وانتهت الغزوة بعد حصار شديد للمسلمين لم ينتج عنه خسائر بتوفيق الله للمسلمين، و استمرت الغزوات والفتوحات..
الفكرة من كتاب الأعظم.. قصة النبي محمد (ﷺ)
لو أن شخصًا ما ظهر في عصرنا الحالي يدعونا لنترك دين آبائنا وأجدادنا ونتبع ما يخبرنا به لما صدقناه ولاتهمناه بالجنون! تخيَّل معي أنك ولدت في الجزيرة العربية، وكانت العبادة السائدة وقتها هي عبادة الأصنام، التي كانت دين آبائك وأجدادك، ودينك بالوراثة، وفجأة ظهر شخص يدعو الناس إلى دين آخر، يخبرهم أن الأصنام التي يعبدونها لا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا، وأن هناك إلهًا واحدًا، هو الخالق وليس الآلهة التي تصنعونها، وأن هناك دار الحساب بعد الموت؛ هناك حياة أخرى!
هل لو كنت موجودًا حينها ستترك دين آبائك وأجدادك؟ هل ستفكر حتى أنك على خطأ؟ الوصول إلى الحقيقة ليس بهذه السهولة التي نتخيَّلها الآن، الأمر يحتاج إلى تفكير.. يحتاج إلى شك.. يحتاج إلى قائد عظيم ومربٍّ فاضل، كيف تكون الشخصية التي استطاعت أن تقلب موازين العالم؟ هذا ما سنتحدَّث عنه في هذا الكتاب، حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولكن في جانب واحد من جوانبها، جانب القيادة والكفاح.
مؤلف كتاب الأعظم.. قصة النبي محمد (ﷺ)
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار “أجيال” للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.