عصر الحداثة
عصر الحداثة
بدأ عصر الحداثة والتنوير باضمحلال نفوذ التيار الديني وسيطرة العلماء الطبيعيين بمنهجهم الاستقرائي والتجريبي بعد إقصاء منهج أرسطو المنطقي، ولم يعد مطلوبًا في ذلك العصر الإجابة عن السؤال الغائي للوجود، وإنما إدراك المنفعة المادية والسيطرة على الطبيعة وتطويعها، فتغيرت أداة الاستفهام من “لماذا؟” إلى “كيف؟”، ويُعد الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (1561–1626) من مؤسسي المنهج التجريبي وأهم مَن طوَّر المنطق الاستقرائي للتجربة، وقد ثار ضد تراث أفلاطون وأرسطو، ورفض كل ما هو متجاوز للمادة، وآمن بالعلم المادي وبقدرته على تحسين أحوال البشر.
أما جون لوك الذي كان أيضًا فيلسوفًا تجريبيًّا فهو أول من فصَّل لنظرية المعرفة ومناهج الإدراك أبحاثًا خاصة تمهِّد للفلسفة في أشهر أعماله “مقال عن الفهم الإنساني”، وقد تورَّط في الصراعات السياسية في ذلك العصر المضطرب، وكان من أكبر المستثمرين في تجارة العبيد ومن أهم مؤسسي الليبرالية السياسية، وأما نظريته في المعرفة فمبنية على أن الإنسان يولد صفحة بيضاء، ثم تأتي التجرِبة لتنقش عليها ما تشاء، وسمَّى لوك قيم الملكية والحرية والحياة بالقانون الطبيعي الذي يعرفه الجميع فتباين ذلك مع اتجاهه المعرفي الذي يقول فيه إن العقل يولد صفحة بيضاء! وكان مع تجريبيته مؤمنًا بالإله، ثم جاء بعده ديفيد هيوم الذي شكك في وجود أي ثوابت أو بديهيات حتى علاقات السبب والنتيجة.
في نفس الوقت الذي تطوَّرت فيه المدرسة التجريبية كان هناك تيار مثالي عقلي تمثَّل في رينيه ديكارت (1596-1650)، القائل: “أنا أفكر؛ إذًا أنا موجود!”، وهو فيلسوف ورياضي فرنسي، لُقِّب بأبو الفلسفة الحديثة، بدأ ديكارت من نقطة الصفر، وهي الشك حتى في وجوده، ثم انطلق منها إلى أنه يفكر، ومن ذلك إلى أنه موجود، لأن الشك والتفكير لا يمكن أن يقوم بهما عدم! ولأنه لا يمكن أن يوجِد نفسه ذهب إلى إثبات وجود الإله، ووجه الانتقاد إلى بنائه الفلسفي لأن الوجود بديهي أكثر من التفكير والشك، ولأنه لم يتبع منهج التفكير الكلاسيكي، ولا وضع منهجًا جديدًا، فكانت تصوراته أقرب إلى الفن من التفلسف.
الفكرة من كتاب حكاية الفلسفة الغربية
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة مع تاريخ الفلسفة الغربية بمحطاته المختلفة، لنكوِّن رؤيةً عامة نُشخِّص بها مشكلات إنسان الحاضر، ونفهم كيف وصل العالم إلى ما هو عليه اليوم، لمجابهة الثقافة المسيطرة وغرس بذور الحل.
مؤلف كتاب حكاية الفلسفة الغربية
المؤلفون هم مجموعة من الباحثين بمركز “بالعقل نبدأ” للدراسات والأبحاث، وهو مركز للتنمية الفكرية والمهارية، يهدف إلى بناء مجتمع متكامِل متقدم من خلال إحياء هويتنا المستمدة من تراثنا وحضارتنا الأصيلة والمستوعبة للعلوم الحديثة، وفق أسس منهجية تجمع بين العقل والنص الديني والتجربة العلمية، لمواجهة انتشار الثقافة المادية وما صاحبها من انهزام حضاري، وذلك عن طريق أنشطة مختلفة كعقد الندوات والتوعية الإلكترونية وطرح إصدارات من كتب ومقالات وأبحاث.
من كتب المركز: قواعد التفكير المنطقي والتنوير الحضاري: طرح سائد ورؤية متجددة وقبل الانهيار.