عش في حدود يومك وتخلَّص من القلق
عش في حدود يومك وتخلَّص من القلق
يقول ﷺ: “من أصبح آمنًا في سربه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”، فالإحساس بالأمان والعافية وكفاية اليوم الواحد تتيح للإنسان التفكير بهدوء، وتمكنه من الإنتاج، وعلى المرء أن يتعلم العيش في حدود يومه وألا يسمح للوساوس والأوهام أن تعترض سيره، وكثير من الناس يستصغر تلك النعم ويلهث وراء مزيد من الثروات والمناصب فتستهلك قواه البدنية والنفسية ويعتريه القلق باستمرار، وهو الذي يعدُّ القاتل الأول في بعض دول العالم مثل أمريكا.
حيث يقول الدكتور ألفاريز إن أربعة من كل خمسة مرضى ليس لعلتَّهم سببٌ عضوي، بل السبب هو الخوف والقلق والعجز عن الملاءمة بين النفس وبين طريقة سير الحياة، لذا يعلِّمنا الإسلام الاعتدال في السعي وراء متطلبات الحياة وضروراتها دونما إفراط أو تفريط مخل، ويؤكد ضرورة بث السكينة في النفس وضبط العواطف والجهود، لئلا يغرق الناس في زحام الحياة والتسابق عليها.
ومعرفة قدر الله (جل شأنه)، وقدر الدنيا بالنسبة إلى الآخرة هو أولى خطوات التخلُّص من القلق، تلك المعرفة التي تزيح عن المؤمن الحزن وتبثُّ في نفسه السكينة والطمأنينة، أما الخطوة الثانية فتكون بالأخذ بالأسباب وتحليلها بهدوء مع محاولة تحييد المشاعر والانفعالات النفسية بالإضافة إلى مشورة أهل العلم والاختصاص، وهي خطوة يجب ألا تستمرَّ طويلًا، لتأتي بعد ذلك الخطوة الأخيرة وهي الإقدام بثقة ودون تردُّد أو تحيُّز.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».