عزلة ثم بداية جديدة
عزلة ثم بداية جديدة
وبعد أُحد توالت ابتلاءات، غزوات وسريات ونصر وانهزام، ثم كان الابتلاء المجتمعي العصيب في حادثة الإفك، تلك الفتنة التي أشعلها المنافقون، وبدا أن حذيفة بشخصيته الحذرة وتفكيره في مآلات الأمور آثر الابتعاد عن الأضواء في تلك الفترة، حتى طال عهده عن النبي (ﷺ) وعاتبته أمه في ذلك فعاد، وقد روى ذلك قائلًا: “سألتني أمي منذ متى عهدك بالنبي (ﷺ)؟ قال: فقلت لها منذ كذا وكذا، قال: فنالت مني وسبَّتني، قال: فقلت لها دعيني فإني آتي النبي (ﷺ) فأصلِّي معه المغرب، ثم لا أدعه حتى يستغفر لي ولك، قال: فأتيت النبي (ﷺ) فصلَّيت معه المغرب فصلى النبي (ﷺ) العشاء، ثم انفتل فتبعته، فعرض له عارض فناجاه، ثم ذهب فاتبعته فسمع صوتي، فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة، قال ما لك؟ فحدثته بالأمر، فقال: غفر الله لك ولأمك، ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل؟ قال: قلت بلى، قال: فهو ملك من الملائكة، لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة فاستأذن ربه أن يسلم عليَّ ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة (رضي الله عنهم)”، وهذا موقف نرى فيه حرص الأم، وأن النجاة من الفتن ليست في العزلة دائمًا، بل في اتباع هدي النبي (ﷺ) ونرى رد فعل النبي المربي الذي استجاب لطلبه ولم يعنِّفه، بل وبدأ يعلمه أمرًا جديدًا، وبعدها صار حذيفة من النخبة الذين يحظون بقرب واهتمام نبوي خاص، بل وكان لحذيفة مواقف عديدة انفرد فيها بالنبي (ﷺ).
الفكرة من كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
نعيش مع الكتاب سيرة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، ونراه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف يعلمه ويربيه، ثم نرى كيف عمِل بعلمه وكيف واجه الفتن.
مؤلف كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: باحث دكتوراه وكاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “نظرية الدين والتديُّن: الفهم والوهم”، و”الخلاصة في علم مصطلح الحديث”، وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا وكتبًا عن صحابة آخرين منهم “خوَّات” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” (رضي الله عنهم جميعًا).