عداوة رأس المال والعمل
عداوة رأس المال والعمل
كان الإنسان البدائي يعتمد على مجهوده البدني في تدبير احتياجاته المتعددة من مأكل وملبس ومسكن، وظل الأمر كذلك إلى أن تمكَّن من صنع أدوات بدائية بسيطة ساعدته على توفير بعض الجهد والوقت، فكان الإنسان بذلك يسير جنبًا إلى جنب مع الآلات في ارتباط منتج ومثمر.
لكن هذا الوفاق لم يستمر مع قدوم الثورة الصناعية التي كانت أبرز ملامحها هي الاعتماد على الآلة على نحو كبير في عملية الإنتاج، من هنا نشأت مغالطة مؤداها أن التقدم التكنولوجي هو سبب البطالة، وبالنظر إلى كتابات بعض الاقتصاديين لم يكن هناك أوضح من تلك العلاقة العدائية بين كلٍّ من رأس المال والعمال، فهم يرون أن التكنولوجيا أدَّت إلى فقد العمال وظائفهم بإحلال الآلات عوضًا عنهم، ولأول وهلة يبدو أن تحليلهم لا يخلو من منطق ولكن لم تنتهِ القصة بعد.
بالنظر إلى الأمر من زاوية فردية وخلال الأجل القصير يبدو أن هؤلاء الاقتصاديين على حق، ولكن إذا عمَّقنا النظر على المستوى الكلي للاقتصاد القومي، وفي خلال الأجل الطويل نجد أن التطور التكنولوجي والثورة الصناعية أسهما في انخفاض البطالة وليس العكس، ذلك أن إحلال الآلات في حد ذاته يعمل على خلق وظائف لم تكن لتوجد لولا وجود تلك الآلات، كما أن الوفورات الناتجة من زيادة الإنتاج إما أن يتم استثمارها مجددًا ومن ثَم خلق فرص عمل إضافية، وإما أن يتم توجيهها إلى الاستهلاك الذي بدوره يمثل طلبًا جديدًا على السلع والخدمات، مما يدفع نحو زيادة الإنتاج، ومن ثَم زيادة الاستثمار وزيادة الطلب على العمالة، ناهيك عن أن استخدام الآلة سيعمل على خفض التكلفة ومن ثَمَّ انخفاض الأسعار، من هنا يصبح هناك فائض في دخل المستهلك يمكنه استثماره أو زيادة استهلاكه من سلع أخرى، وفي كلتا الحالتين يعني فرص عمل أكثر على المدى الطويل.
الفكرة من كتاب الاقتصاد في درس واحد
دائمًا ما يُقال إنه إذا اجتمع اثنان من الاقتصاديين فسيكون هناك ما لا يقل عن ثلاثة آراء! فهذه هي الطبيعة الجدلية لعلم الاقتصاد، ذاك العلم العجيب الذي يجمع بين طياته صرامة الرياضيات وواقعية علم النفس.
يعرض هذا الكتاب بصورة رائعة المفاهيم الاقتصادية بأسلوب جذاب وممتع، كما يتناول أهم المغالطات الاقتصادية بالشرح والتفنيد، لذلك فهو بداية مهمة لكل مبتدئ في دراسة الاقتصاد للإلمام بالحقائق الاقتصادية الأساسية في وقت قصير.
مؤلف كتاب الاقتصاد في درس واحد
هنري هازليت Henry Hazlitt: فيلسوف ليبرتاري (مؤيد للحرية) واقتصادي وصحفي أمريكي، ولد في 28 نوفمبر 1894 في فيلادلفيا بأمريكا، وعمل في وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز ونيوزويك، وعدد آخر من الصحف والمجلات، كما عمل نائبًا للرئيس المؤسس لمؤسسة التعليم الاقتصادي، توفي هازليت عن عمر يناهز الـ98 عامًا في فيرفيلد، بولاية كونيتيكت.
ألف عددًا كبيرًا من الكتب، أشهرها كتابا “الاقتصاد في درس واحد”، و”التفكير كعلم”.