عبودية مِنك!
عبودية مِنك!
“كل ابن آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون”، ولكن هل تَنَبَّهت أنك حين ترتكب خطأ أو معصية فأنت لا ترتكبها بمفردك، بل تُشرِك معها أعضاء مختلفة من جسدك تُشهدها بغير وعي منك على جُرمِك!
تستخفي من الناس ولكن بداخلك شهود لا تستطيع أن تستخفي منهم، فهم أعوانك في الدنيا على الطاعة أو المعصية وشهود عليك في الآخرة، وتلك صورة من صور عبوديتها، الشهادة.
فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: “كنَّا عندَ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) فضحِك فقال: هل تدرونَ ممَّا أضحَكُ؟ قُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: مِن مُخاطَبةِ العبدِ ربَّه يقولُ: يا ربِّ ألَمْ تُجِرْني مِن الظُّلمِ ؟ قال: يقولُ: بلى قال: فإنِّي لا أُجيزُ على نفسي إلَّا شاهدًا منِّي فيقول: كفى بنفسِكَ اليومَ عليكَ شهيدًا وبالكرامِ الكاتبينَ عليكَ شهيدًا فيُختَمُ على فيه ثمَّ يُقالُ لِأركانِه: انطِقي فتنطِقُ بأعمالِه ثمَّ يُخلَّى بَيْنَه وبَيْنَ الكلامِ فيقولُ: بُعْدًا لكُنَّ وسُحْقًا فعنكنَّ كُنْتُ أُناضِلُ”.
وليس في الآخرة فقط، بل في الدنيا أيضًا تتعبَّد لله وتخضع وتعقل وتحثُّ بعضها على تقوى الله كل يوم، فعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا”، فاللسان عضو فعَّال ومهم من أعضاء الإنسان قد يورده المهالك إن أطلقه في كل شيء وقد يقيه منها إن حفظه وضبطه، كما ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قوله لمعاذ: “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.
فالأعضاء تابعة إن سيِّرت في طاعة الله سارت وكانت عونًا لصاحبها في الدنيا والآخرة، وإن سُيِّرت في المعصية سارت وكانت وبالًا على صاحبها في الآخرة، فأحسن صحبتها تُحسن صحبتك، فهي إن كانت منقادة لك لا تنطق اليوم فسوف تنطق غدًا ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، ويقول القرطبي أسباب الختم فيقول: “لأن إقرار غير الناطق أبلغ في الحجة من إقرار الناطق، لخروجه مخرج الإعجاز، وإن كان يومًا لا يحتاج إلى إعجاز… ليعلم أن أعضاءه التي كانت أعوانًا في حق نفسه صارت عليه شهودًا في حق ربه”.
الفكرة من كتاب عبودية الكون والكائنات
تحتاج بين فترة وأخرى أن تُنعِش قلبك كما يفعل أهل الطب في غرف الإنعاش، نعم تحتاج إلى تلك الانتفاضة، ولا يأتي بها إلا التفكُّر والتدبُّر في هذا الكون وفي نفسك وفي كتاب ربك، فكن جريئًا في اقتحام الكون وكن جريئًا في الإقبال على القرآن، وهناك العديد من الوسائل التي تعينك على ذلك، منها هذا الكتاب ذو اللهجة البسيطة والمعاني العميقة.
مؤلف كتاب عبودية الكون والكائنات
وجدان العلي، هو أديب وطالب علم، تتلمذ على أيدي طائفة من علماء الشريعة واللغة العربية والأدب، يعمل في مجال الدعوة إلى الله، وله العديد من البرامج منها: “نوري”.
ومن مؤلفاته:
صادق بكة.
ظل النَّديم.
مؤيد عبد الفتاح حمدان، له العديد من المؤلفات في المجال الشرعي، ومن أبرزها:
أوراد أهل السنة والجماعة.
القرآن الصاحب الوفي.