عبقرية استغلال المشكلات
عبقرية استغلال المشكلات
لما وصلت هذه الأخبار إلى “طفلَك خان” الحاكم المغولي لبلاد ما وراء النهر، أسرع بجيشه للسيطرة على سمرقند، ولكن على عكس ما كان مُتوقعًا، فقد تضاربت أفكار الأمراء حول الخضوع لأمره أم عصيانه هو الآخر، أما عن تيمور فقد كان قائدًا على بضع مئات وليس من الذكاء أن يدخل في هذه التنافسات القوية التي تضم عشرات الآلاف من الجنود، ففكر في قرار جريء آخر يتمثل في الذهاب إلى خان المغول الأكبر بنفسه!
لقد كان قرارًا ذكيًّا للغاية، فالبقاء في سمرقند سيعني الانضمام إلى إحدى الفرق المتصارعة واستنزاف القوى، وانطلق تيمور برجاله في أبهى الثياب الرسمية حاملين معهم هدايا ضخمة، وقد بلغ الخان وأمراءه بعض الأخبار عن تيمور، فلما وصل إليهم أعجبوا به واستقبله الخان مرحبًا.
أظهر تيمور ذكاءً شديدًا في التعامل مع الخان، إذ إنه قدم نفسه له على أنه زعيم البرلاس في سمرقند، وهذا يعني أنه أهمل كل الحكام المتنافسين هناك، فلما قرر الخان مكافأته منحه رتبة الجنرال أو كما تسمى “تومان باشي”، وتعني قائدًا لمئة ألف جندي، وبإمكانه بذلك حكم إقليم بأكمله، وحسم الخان الموقف في سمرقند بإرساله جيشًا ضخمًا استطاع قتل بايزيد جالير، أما حاجى بارلاس فقد هرب ثم مات على أيدي قُطَّاع الطريق، وتولى الحكم ابن الخان “إلياس” وتم تعيين تيمور أميرًا لسمرقند.
الفكرة من كتاب قاهر العالم تيمُورلنك
في الوقت الذي كان أحفاد جنكيز خان وقادتهم يفسدون في الأرض، ظهر في بلاد ما وراء النهر -أوزباكستان الآن- رجل تتاريٌ مسلم أزعج المغول فهزمهم وقضى عليهم، وبنى مملكةً ضمت روسيا وبلاد ما وراء النهر والعراق والشام، وكما بهر الدنيا فقد فعل الأفاعيل وقتل وسفك دماء المسلمين، ليحتار المؤرخون في أمره إن كان مسلمًا أم ادَّعى الإسلام؛ إنه تيمورلنك.
مؤلف كتاب قاهر العالم تيمُورلنك
السيد فرج: كاتب مصري متخصص في مجال التاريخ.
له عدة مؤلفات أهمها: “جيشنا في فلسطين”، و”حروب محمد علي”، و”وهذه هي الحرب”.