عبد الله النديم واتجاهه إلى الأدب
عبد الله النديم واتجاهه إلى الأدب
عم مصباح شرقاوي رقيق الحال مستقيم السيرة رحل إلى الإسكندرية لكسب قوته من نجارة السفن ثم من بيع الخبز، أرسل ابنه عبد الله إلى الكتاب حتى يشبَّ عوده فيرث حرفته، ولكن ذكاء الطفل ونجابته أهَّلاه ليكمل مسيرة التعليم ولما كانت الأسرة غير قادرة على مصاريف التعليم في الأزهر، تعلَّم في مسجد إبراهيم باشا الذي يُعد جامعة أزهرية مصغَّرة، ولا يوافق مزاج الشاب النحو ولا الصرف فاتجه إلى الأدب فكان يدوام الذهاب إلى مجالس الأدب ويتغنَّى بالشعر وساعدته بيئته على الإلمام بلغة الشعب وأدبه، وكل هذا لا يجلب الرزق والعم مصباح قد نفد صبره على ابنه، فاتجه يتعلَّم الإشارات التليغرافية ويعمل بها ثم انتقل إلى العمل بالقصر العالي الذي تقطنه أم الخديوي إسماعيل فشاهد حياة الترف كما عاين البؤس من قبل في حارته.
وفي القاهرة استطاع الارتباط بأدباء العصر أمثال البارودي والساعاتي وعبد الله فكري والشيخ أحمد الزرقاني، فكان في النهار تلغرافيًّا وفي الليل أديبًا، وبسبب غلطة في عمله بالقصر غادر القاهرة ونزل عند عمدة بالدقهلية يعلِّم أولاده لكن اختلفا على الأجرة فتشاجرا وهجاه النديم هجاءً لاذعًا، ثم أكرمه أحد أعيان المنصورة وفتح له متجرًا لبيع المناديل فكان كسوق عكاظ في الجاهلية.. وكان ذلك ديدن الكثير من المحال التجارية في المدن قبل غزو المدنية الحديثة والتخصص، والبيوت أعظم من ذلك شأنًا حيث يجتمع الأصحاب يتحدثون في الشعر واللغة والفقه والتاريخ ومواضيع أخرى كثيرة، ومن الطرائف أن ساجل النديم أحد “الأدباتية”، وهم طائفة يتسوَّلون بالتغني بالشعر وطلاقة اللسان، فظلا ساعات يتحاوران بالشعر المرتجل حتى غلبه النديمُ واشتهرت الواقعة وعابه بعض الأصحاب أن ينزل بنفسه هذه المنزلة.
الفكرة من كتاب من زعماء الإصلاح
هذا عرض سريع لحياة أربعة من الرجال المجددين، كان لجهودهم صدًى واسع وأثر عميق في نقل مجتمعهم نقلات جذرية، فمن تصفية العقيدة ودحض البدعة بفضل محمد بن عبد الوهاب، إلى نهضة تعليمية كبيرة على يد علي مبارك، إلى خطيب الثورة العرابية ومجدد الأدب عبد الله النديم، ثم تنبيه من الكواكبي عن طبائع المستبدين وأحوال البلاد والعباد.
مؤلف كتاب من زعماء الإصلاح
أحمد أمين: وُلد في حي المنشية بالقاهرة عام ١٨٨٦، وتُوفي عام ١٩٠٤، وتدرَّج في التعليم من الكتَّاب إلى الأزهر إلى مدرسة القضاء الشرعي، وعُيِّن لنبوغه مدرسًا بها في سن مبكرة ثم عمل قاضيًا في عدة محاكم شرعية، ثم اختاره طه حسين للتدريس في كلية الآداب وحصل منها على شهادة دكتوراه فخرية، وكان ميَّالًا إلى الإضافة والتجديد ويرفض الجمود والتصلب.
من مؤلفاته:
– سلسلة موسوعة التاريخ الإسلامي.
– سلسلة فيض الخاطر.