عامل الإنصاف
عامل الإنصاف
من الدراسة الإحصائية للبيانات السابقة وُجد أن للعائلة تأثيرًا متباينًا في القدرات المعرفية المختلفة، ولكن هل تتأثر القدرات المعرفية لدى الأفراد بالمعدل نفسه عند توافر جودة البيئة المعرفية نفسها للأفراد كلهم داخل العائلة الواحدة في ما يعرف بعامل الإنصاف؟
تم اختيار عينة من الأطفال قبل سن المدرسة، وذلك لما للعائلة من تأثير كبير في هذه السن، كما أن للمورثات ولبيئة الصدفة تأثيرًا طفيفًا جدًّا مما يتيح دراسة تأثير العائلة بدقة أكبر، وعلى افتراض أن الأطفال المنتمين إلى هذه الفئة السِّنِّية قد تلقوا نفس المعاملة والاهتمام من آبائهم.
وعند تحليل التباين من اختباري “ستانفورد-بينيه ووكسلر” لذكاء الأطفال، نلاحظ أن تباين تأثير العائلة في هذه السن يصل إلى ٨٠%، كما نلاحظ أن البيئة المعرفية المقدمة من العائلة تحابي وتفيد الطفل الأقل موهبة دائمًا، وذلك لأنها ذات جودة أعلى من الموروثات التي يمتلكها الطفل، لذا يظهر تأثير العائلة في هيئة مكسب في نقاط الذكاء، ولكن سرعان ما سيختفي هذا المكسب حين تسيطر بيئة المدرسة، بينما يظهر تأثير العائلة في الأطفال الموهوبين على هيئة خسارة في نقاط الذكاء أو بلا تأثير في بعض الحالات، وذلك لأنه كما ذكرنا سابقًا، يقع الأطفال الموهوبون فوق الوسيط مما يعني أنه في أغلب الحالات تكون بيئة العائلة أقل جودة من المورثات.
ونلاحظ أيضًا من البيانات أن معظم العائلات تميل إلى الإنصاف في البيئة المعرفية بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وينخفض تأثير عامل الإنصاف في البيئة مع تقدم السن ويتلاشى تقريبًا مع سن المدرسة، كما أن لعامل الإنصاف ولجهود الآباء في تحسين البيئة المعرفية أكبر الأثر في القدرات المعرفية المكتسبة عن طريق السلوك التفاعلي مع الأطفال، كمهارات المفردات والفهم مقارنة بالمهارات التي تعتمد على الطفل نفسه، كمهارة إكمال الصور أو تصميم المجسم، لأنها مهارات لا يرى الأطفال عادةً آباءهم يمارسونها في الحياة اليومية.
الفكرة من كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
مع التقدم المعرفي الهائل والاختراعات المذهلة النابعة من عقول الأذكياء، وبالرغم من قدرتنا الحالية على إجابة عديد من الأسئلة المتعلقة بالبشر من الناحية البيولوجية أو النفسية، ما زلنا لا نمتلك تعريفًا واضحًا للذكاء، وما زال تقدمنا التكنولوجي قاصرًا على قياس هذه الملكة الفريدة المحاطة بالغموض أو الإحاطة بكل صفاتها.
هل يمكن وضع تعريف للذكاء؟ وهل نحن حصيلة الجينات التي ورثناها فقط؟ هل تُحدث العوامل كالعائلة والخبرات الحياتية فرقًا في مستوى الذكاء الفردي؟ وهل تعد تجاربنا الحياتية وقراراتنا الشخصية فريدة وذات تأثير في عمل عقولنا، أم أن الذكاء كالصفات الجينية الثابتة؟ يحاول كتابنا الإجابة عن كل هذه الأسئلة المثيرة وغيرها الكثير من خلال تحليل نتائج اختبارات الذكاء المختلفة على مدى فترات زمنية طويلة، كما يناقش نظريات الذكاء المختلفة وآلية عمل بعض اختبارات الذكاء المشهورة.
مؤلف كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
جيمس آر فلين: هو فيلسوف وعالم نفس، ولد عام ١٩٣٤م في الولايات المتحدة، درس في جامعة شيكاغو وحصل على دكتوراه في الفلسفة، وهاجر إلى نيوزيلندا عام ١٩٦٣م حيث عمل مدرسًا للسياسة في جامعة أوتاجو، حصد عديدًا من الجوائز بسبب أعماله المتميزة في المجال البحثي المتعلق بالذكاء ومنها: ميدالية العلوم الإنسانية عام ٢٠١١م، وزمالة الجمعية الملكية في نيوزيلندا، له عديد من المؤلفات ومنها:
What is intelligence
Are we getting smarter
How To Improve Your Mind
معلومات عن المترجم:
أحمد الناصح: مترجم ومدون عراقي، من أعماله المترجمة:
صورة فوتوغرافية للرب.
أعظم فلاسفة غيروا العالم.