عالم واحد من المستهلكين
عالم واحد من المستهلكين
بدأ ظهور المجتمع الاستهلاكي نتيجة لأشياء عدة يرتبط بعضها ببعض، بداية من الأفكار التي سيطرت على المناخ الثقافي الغربي، من كون الأرض ملكًا لنا نحن البشر وأننا محور الكون، مرورًا بشيوع المادية الحديثة والتطور التقني، وانتهاءً باقتحام الدعايا والإعلانات لحياة الناس.
ولم يتطلب الأمر سوى خداع الناس وإقناعهم أن ما يملكون فقط هو ما يعبر عن ذواتهم، ثم حرمانهم الوسائل البديلة التي تلبي احتياجاتهم الأساسية، ثم مطاردة الإعلانات لهم في كل مكان وكل وقت لشراء المنتجات الجديدة، وإجبارهم على الخضوع لثقافة الاستهلاك، ثم إضافة صبغة قانونية لهذه الثقافة بشراء بعض السياسيين وأصحاب القرار، وانتهى الأمر بالحصول على مباركة رجال الاقتصاد، وإعلانهم القيم المادية قيمًا عليا للمجتمع وتطورًا طبيعيًّا لما وصل إليه البشر.
وبما أن الولايات المتحدة تحتل مكانة الدولة الأم صاحبة الثقافة الزاحفة لجميع أنحاء العالم، فإن أغنياء الدول المقلدة يحاولون محاكاة النظام الأمريكي، كما يتطلع فقراء هذه الدول لتقليد الأغنياء، هذه التبعية للسياسة الأمريكية جعلت هذه الدول في حاجة دائمة وتزداد فقرًا يومًا بعد يوم، كما أصبحت مستعمرة رغم عدم وجود قوة خارجية تحتل أراضيها، لذا تجد معظم أفراد المجتمع يستهلكون دون أي شعور بالذنب، استهلاكًا لا تشبع فيه الرغبات بل هو مصمم لمضاعفة عدم الرضا ومضاعفة شعور عدم المقدرة على الاستغناء عن هذه الأشياء الاستهلاكية؛ تشتري الكثير من الأشياء التي لست في حاجة إليها ثم تزعجك كثرة الأشياء التي اشتريتها، فتتخلص منها وتشتري من جديد.. أهلًا بك في ثقافة الاستهلاك.
الفكرة من كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
أن تملك أو لا تملك هو جوهر النزعة الاستهلاكية في أمريكا ومحرك الرأسمالية الغربية، إذ يعتمد 90% من قوة العمل الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر على الأعمال التجارية التي تنتج السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يشكل معظم دخل البلاد والعمل بداخلها.
تصاحب هذه الثقافة الاستهلاكية حالة من عدم السعادة، نتيجة التطلع لما هو غير موجود، فنرى أشياء لم تكن للبيع من قبل صارت تباع، مع قلة في الأعمال الجادة، وتعزيز لنظام الفوارق بين الطبقات، وبيع ما يجلب المال بدلًا من بيع ما يحتوي قيمة حقيقية، واستهلاك دائم للطبيعة وسعي للتفوق عليها.
فما طبيعة هذه الثقافة الاستهلاكية؟ وما أسباب شيوعها؟ وما مدى تأثيرها في جوانب الحياة المختلفة؟ وهل يمكن التغلب عليها أم إنها أصبحت واقعًا لا مفر منه؟ يحاول الكتاب الإجابة عن هذه التساؤلات في مجموعة من المقالات لعدد من الكتاب تتضمن رؤية وتحليلًا لجوانب مختلفة في المجتمع تتعلق بهذه الثقافة الاستهلاكية.
مؤلف كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
روجر روزنبلات: أستاذ اللغة الإنجليزية والكتابة المتميز في جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك / ساوثهامبتون، حصل على درجة الدكتوراه في الكتابة الإبداعية من جامعة هارفارد، له مؤلفات ومسرحيات عدة، منها مسرحية “فري سبيس في أمريكا” التي صنفت واحدة من أفضل عشر مسرحيات لعام 1991 في التايمز.
معلومات عن المترجم:
ليلى عبد الرازق، أستاذة اللغة الإنجليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، ترجمت العديد من الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية، من ضمنها كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان.