عالم الطفل
عالم الطفل
يمتلك الطفل درجة كبيرة من الحساسية لكل شيء يشعر به الشخص الكبير الذي يرعاه، ويرغب في طاعته دائمًا، وهذا ما يميِّز الطفل بالفعل، لذا يجب على البالغ أن يُلاحظ كل ما يقوله ويفعله، لأن كل شيء سيؤثر بدرجة كبيرة في عقل الطفل، بسبب حب الأطفال الفطري للكبار، ولكن ليس كل كبير قادرًا على تعليم الحب للأطفال، حيث يلزم ذلك مجهودًا خاصًّا وكبيرًا، ليرى البالغ عالمًا آخر غير عالمه وهو عالم الأطفال، فمثلًا يرغب الطفل دائمًا أن يكون جرءًا من الجماعة، فيبكي لو لم يأكل مع عائلته على المائدة، أو لو لم ينَم بجواره أحد، لكن يرى الكبار دائمًا أن هذا سيفسد الطفل، فيحاولون منع ذلك، فتتشوَّه فطرة الطفل، وإذا لم يحاول البالغ فهم ذلك، يخسر وتدريجيًّا يتبلَّد، ويفقد حساسيته.
وفي الآونة الأخيرة اهتم البعض بفكرة التعليم منذ الولادة، فأقاموا تخطيطًا لمدارس للأطفال في السنة الأولى من عمرهم، يدربون سيقانهم وأذرعهم، ناسين حقيقة كون الأطفال يتعلمون ذلك بأنفسهم دون أدنى مجهود، وأن الحركة الجسدية لا بدَّ أن تنشأ من داخل الطفل، وتلك المساعدة الخارجية تقوم بإيذائهم، ولا يستطيع البالغ فعل أي شيء سوى انتظار عملية تطوُّر الطفل الطبيعية، وفي أثناء ذلك للأسف قد يُعامل الطفل بأنه مصدر إزعاج فقط، وكل ذلك سيؤثر بالفعل في التكوين الكلي للشخصية، ويستغلُّ البعض قدرة الطفل الهائلة على التشكُّل في سنواته الأولى، فيسارعون في تشكيله بطريقتهم، في حين أنه يجب على الطفل أن يشكِّل نفسه بنفسه.
فالطفل مراقب جيد، يرى كل شيء بصورة دقيقة، لا يحتاج الوالدان إلى استخدام ألوان زاهية أو أصوات عالية لجذب انتباهه، فهو يستوعب الأشياء وصورها والعلاقة بينها، فمثلًا: طفل في الأسبوع الرابع من عمره، لم يخرج مطلقًا من بيته، وكان يرى دائمًا والده وعمه منفردين، وفجأة رأهما معًا، فاندهش الطفل، لكن وقف الرجلان في هدوء أمام الطفل، يساعدانه على الملاحظة، ولم يُصدرا أي صوت لعدم تشويش الطفل، ثم غادرا الغرفة ببطء، حتى يستطيع الطفل أن يدرك أنهما منفصلان بالفعل، وكان هذا تدريب للكبار حول تعليم الطفل عن طريق مساعدته الإيجابية على بنائه الداخلي.
الفكرة من كتاب الطفل في الأسرة
على الرغم من أن الدكتورة ماريا مونتيسوري عاشت في القرن الماضي، فإن خبرتها واكتشافاتها مع الأطفال ما زالت حية! وقد يعتقد البعض أن مبادئها موضة قديمة، إلا أن ذلك مُخالفٌ للواقع، إذ إن طبيعة الطفل وطريقة تطوُّره الفطرية لا تتغيَّر مهما مضى الزمن.
وفي هذا الكتاب تهتم المؤلفة بعالم الطفل الداخلي، وكيفية بناء شخصيته وكيانه بشكل سليم، وتجنُّب الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء والتي تنتج طفلًا معتلًّا في عواطفه ونفسه وأفكاره، مع تحليلات لشخصية الطفل، وما يعترض نمو فكره الطبيعي من تدخُّلات البالغين.
مؤلف كتاب الطفل في الأسرة
ماريا مونتيسوري Maria Montessori: مربية وفيلسوفة وطبيبة وعالمة إيطالية، مؤسسة منهج مونتيسوري التعليمي الذي يعتمد على طرائق تعليمية وتربوية غير تقليدية للأطفال، عملت مونتيسوري مع الأطفال في المصحات العقلية في أول عهدها بالطب، وأصبحت مساعدة لمدير مدرسة أورثوفرينك للأطفال ناقصي النمو عام 1899م، وافتتحت مدرستها الأولى عام 1907ميلاديًّا.
لديها العديد من المؤلفات منها:
سر الطفولة.
اكتشاف الطفل.
المرشد في تعليم الصغار.
التعليم من أجل السلام.
مونتيسوري في البيت العربي.