عادة من الأجداد.. نحو طبق متوازن
عادة من الأجداد.. نحو طبق متوازن
في حالة الطعام، لا يهتم جسمك بصحتك كثيرًا، لا يراعي مظهرك ولا معدتك الكبيرة، كل ما يهتم به هو تخزين أكبر قدر من الطعام، ربما كانت هذه ميزة أساسية لأجدادنا ضد المجاعات، لكن يبدو أنها أصبحت غير ضرورية لمعظم البشر حاليًّا في عالم يتصف بالوفرة ويشكل الطعام فيه تسلية لمعظمنا.
الأمر بهذه البساطة، إذا أكل المرء فقط عند شعوره بالجوع، وتوقف عند مجرد الإحساس بالشبع، فسيكون كل شيء بخير، وهذا ما يفعله جهازك العصبي بالفعل، بمجرد اكتفاء المعدة والوصول إلى “عتبة الشبع” تنطلق الناقلات العصبية إلى مراكز الشبع والجوع لحثها على العمل، لكن ماذا إذا استمررت في زيادة حصتك من الطعام؟ هل سيستمر وزنك في الزيادة؟ لو حدث لكان وزن 400 كجم وزنًا طبيعيًّا للبشر، تتزايد احتياجاتك واستهلاكك من السعرات بزيادة وزنك، وعند نقطة معينة لن تستطيع تجاوزها في كمية الطعام، يثبت الوزن.
يمكن ربط معظم حالات البدانة بالعادات اليومية التي تُغفَل معظم الوقت، فعلى سبيل المثال، لن تركز على الكمية التي تتناولها وأنت منشغل بالتلفاز، ثم تعد كل هذه السعرات وجبة ثانوية، لذا يصبح من الضروري أن نفرق بين المواد الغذائية والعناصر الأساسية الضرورية للعمليات الحيوية، يهتم الجسم بالعناصر الأساسية التي يستخرجها من الغذاء، إذ لا تتوقف مهمة الطعام على توفير الطاقة اللازمة للإنسان فحسب، بل عليه أيضًا أن يوفر تلك العناصر التي لا تولد الطاقة، ولكنها أساسية لوظائف الجسم، مثل الفيتامينات والأملاح، وعلى جميع الوجبات الغذائية أن تتنوع بين هذه العناصر، لكي تكون وجبات متوازنة، متنوعة على جميع أصناف الهرم الغذائي، وعلى عكس الشائع، تلعب وجبة الإفطار دورًا هامًّا في توفير هذه العناصر منذ بداية اليوم، إذ إنها تُخرِج الجسم من حالة الصيام وتؤمّن له ما يحتاج إليه.
الفكرة من كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
لا تأخذ مشكلة البدانة طابعًا سلبيًّا في المخيلة الشعبية، خصوصًا العربية، ويمكن تفهم هذا من تاريخ عالمنا مع الطعام، كانت الفترات العصيبة الكثيرة تحث الناس على التوجس من المستقبل، فأمدوا أجسادهم في أيام الرخاء بقدر ما استطاعوا، لكن بعد أن انحسرت فترات المجاعات، ظهرت البدانة نتيجة لعادات اختفت أسبابها، وزادت الحياة الحديثة من الأزمة، وأضافت إلى وفرة الطعام، نقص النشاط والدعوة إلى الراحة.
يُظهر المؤلف الوجه الآخر لظاهرة البدانة، كما ينتقد أساليب الحمية التقليدية التي لا تحترم رغبات الفرد أو حياته الخاصة، ويطرح أسلوبًا غذائيًّا متزنًا متنوعًا، هو أقرب ما يكون إلى طريقة أجدادنا الأوائل في العيش، ولا شك أن الأمر لا يتوقف عند الطعام فقط، لكنها الخطوة الأولى لحياة أكثر اتزانًا.
مؤلف كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
سمير أبو حامد: طبيب بشري ومؤلف، له عديد من المؤلفات في مجال الطب، منها:
مرض الزهايمر: النسيان من نعمة إلى نقمة.
الجلطة الدماغيّة: فالِج.. عالج.
التدخين آفة العصر: من الألف إلى الياء.