عادات مجتمع القرية
عادات مجتمع القرية
يعتبر الزواج من أساسيات الحياة بالنسبة إلى الفلاح، والزواج يتميز في مجتمع القرية بالإسراف في الإنفاق، فالفلاح لا يعرف التدبير والاقتصاد، فبالرغم من تقتيره على نفسه في معظم العام فإنه ينتظر المناسبات والأعياد لينفق جميع ماله ويقترض علاوةً على ذلك، خصوصًا في المناسبات الهامة كزواج أحد أبنائه.
والفلاح محب لكثرة الأبناء والذرية، فيبلغ متوسط عدد أبنائه 5 أبناء، وعقب ولادة الطفل توضع التمائم حول عنقه وعندما يبلغ خمسة أعوام يتعود الركوب على الحمار وسوق المواشي، وعندما يبلغ السابعة تقام له عملية الختان، وهي تقام لكل من الذكر والأنثى، وإذا كان الفلاح حريصًا على تعليم ابنه القراءة والكتابة، فإنه يرسله إلى مدرسة القرية أو أحد الكتاتيب، ونسبة الأمية في الريف كانت تبلغ 95% داخل القرى ومع جهود الحكومة والأهالي المصلحين بدأت تقل بالتدريج.
ونتيجة للجهل والأميّة أيضًا فالفلاح يكثر من زيارة قبور أولياء الله الصالحين، والموالد التي تقام كل عام في قريته أو أحد القرى المجاورة، كذلك يحترم الفلاح الماء القادم من النيل ويقدسه ويعتقد أنه يجلب الخير والبركة، كما يأخذ أفضل سنابل القمح ويعلقها كدمية في منزلة حتى يأتي العام القادم.
ومن العادات المنتشرة في الريف عادة الوشم، إذ يقوم الفلاح بوضعه على ظاهر اليد أو الذقن ويقوم بهذه العملية حلاق القرية.
أما عن غذاء الفلاح فينقصه التنوع والكثرة، إذ يمثل الخبز المصنوع من الذرة الذي تصنعه الزوجة في فرن البيت ثمانين بالمئة من غذاء الفلاح، وعادة ما يأكل معه المش الذي يصنع من اللبن الحامض والملح، والفلاح يأكل ثلاث مرات في اليوم، المرة الأولى عند شروق الشمس قبل الخروج للحقل، والمرة الثانية عند الظهيرة في الحقل مع جمع كبير من أمثاله ممن يعملون في الأراضي المجاورة، والمرة الثالثة عند الغروب في بيته مع أسرته، ولا يتناول الفلاح اللحم إلا نادرًا، وبعض الفلاحين يقتصر تناولهم للحم على الأعياد والمناسبات عندما يقوم أحد أغنياء القرية بالذبح والتوزيع على الفقراء.
ومن أكبر المشكلات التي يعاني منها الفلاح عدم وفرة الماء الصالح للشرب مما يجعله عرضة للكثير من الأمراض، ورغم ذلك يكثر الفلاح من تناول مشروبات أخرى، كالشاي الذي ينفق عليه ما ينفق على الخبز، حتى إنه كان يبيع ماشيته مقابل الحصول عليه عندما كان الشاي موجودًا بكمياتٍ قليلة، كما يكثر الفلاح من شرب التبغ الذي يضيع ماله وصحته.
الفكرة من كتاب الفلاحون
يعتبر الفلاح عاملًا مهمًّا في حفظ التوازن الاقتصادي والاجتماعي، ففي وقتٍ من الأوقات كان الفلاحون يمثلون ثلاثة أرباع عدد سكان المجتمع المصري، وكان مجتمع الفلاحين هو مصدر الإنتاج الذي يقوم عليه اقتصاد الدولة. وبرغم ما تتسم به حياة الفلاح من المعاناة والفقر والجهل، فإنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي على مر العصور، والفلاح يستحق أن تكون حياته موضع درس وتحليل للتعرف على جزء لا يتجزأ من كيان المجتمع المصري.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة للتعرف على حياة الفلاح عن طريق الحديث حول طبيعة عمله، وكيفية قيامه به ومحل سكناه وعاداته وصفاته إلى غير ذلك من الجوانب المهمة التي تميز حياة الفلاح المصري عن غيره من فئات المجتمع الأخرى.
مؤلف كتاب الفلاحون
هنري حبيب عيروط: ولد بالقاهرة سنة 1907م، درس بمدرسة العائلة المقدسة للآباء اليسوعيين بالفجالة، ثم سافر إلى فرنسا لدراسة علم الاجتماع وحصل على الدكتوراه وكانت في موضوع دراسة أخلاق الفلاح وعاداته، أسس جمعية المدارس المجانية في قرى الصعيد التي وصل عدد المدارس التي تديرها إلى 100 مدرسة، نشر هذا الكتاب أول مرة عام 1938م في باريس باللغة الفرنسية تحت عنوان “أخلاق الفلاح وعاداته” ثم طُبع مرة أخرى في طبعته الجديدة تحت عنوان “الفلاحون”.
معلومات عن المترجم:
محيي الدين اللبان.
وليم داود مرقص.