ظواهر لا تجدها إلا على السوشيال ميديا
ظواهر لا تجدها إلا على السوشيال ميديا
توجد ظاهرة ملحوظة للغاية لأي مُستخدم للسوشيال ميديا تتمثل في أصحاب التعليقات المحفوظة، فمثلًا أي شخص غير ماهر في عمله أو ارتكب خطأً فلأنه بالتأكيد عُيِّن بالواسطة، ولا يوجد أي احتمال آخر.
هؤلاء الناس يُريحون أنفسهم بوضع تفسيرات مُسبقة لكل شيء تقريبًا، وينتشرون على صفحات الناس تاركين أسطواناتهم المشروخة في كل مكان، والسبب باختصار يرجع إلى دعم السوشيال ميديا لأصحاب البُعد الواحد، أي غير المنفتحين على أفكار أو احتمالات أو تصورات مختلفة.
تحدث ظاهرة أخرى كل دقيقة تقريبًا على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تجزئة المبادئ، وقد تصل إلى مرحلة “فتفتة” المبادئ، فمثلًا في أي قضية يكون المتهم فيها سيدة ستجد مئات من التعليقات التي تُهاجم الصحافة بسبب نشرها تفاصيل القضية، وبالتأكيد الصحافة مُخطئة في نشر أي تفاصيل عن المتهم حتى يُدان رسميًّا.
لكن ما يثير الغضب أن هؤلاء الناس هم أول من ينشرون صور وتفاصيل حياة المتهم إن كان ابن رجل أعمال، فما الفرق؟ ولماذا يتفتت المبدأ؟ يحدث ذلك لأن الجالسين وراء الشاشات يُقيِّمون الموقف حسب المتهم، هل هو من جنسنا؟ هل ستفسد إدانته أفكارًا نؤمن بها وندافع عنها؟ لو كانت الإجابة نعم فالصحافة أخطأت في نشر هذه المعلومات، أما إذا كان المتهم من فئة أخرى فما أسهل الإدانة وما أجمل الصحافة.
آخر ظاهرة مُثيرة للاهتمام يُطلق عليها الكاتب “أصحاب الجيب المثقوب”، ويقصد بها الأشخاص الذين يُنتجون أفكارًا، وينشرونها على السوشيال ميديا للجميع، ومن ثم ينزعجون من سرقة وتكرار أفكارهم من جهة، ويتعجبون من عدم استفادة المجتمع من أفكارهم من جهة أخرى، مع أن المجتمع لم يطلب مشورتهم أصلًا.
آخر ظاهرة تثير غضب الكاتب هي فكرة الاجتزاء التي توجد بكثرة في بحور الفيس بوك وغيره من المنصات، فكل شخص يختار الجزء الذي لا يعجبه في المنشور، وينصب له ولكاتبه المحكمة.
الفكرة من كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
كم مرة تلج إلى حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًّا؟ وكم ساعة تقضي عليها؟ هل تجد نفسك تبحث باستمرار عن الإشعارات أو تشعر بالقلق عندما لا يمكنك الوصول إلى هاتفك؟
إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك؛ في العصر الرقمي اليوم أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن ما تأثيرها في نظرتنا إلى أنفسنا وإلى الآخرين؟ وماذا كشفت عنا؟ وكيف تؤثر في صحتنا العقلية وعلاقاتنا؟ هذه هي الأسئلة التي دارت بخلد الكاتب محمد عبد الرحمن، وبدأ يستكشفها عن طريق تأملاته وعمله الصحفي.
وبالنهاية قرر توثيق الأفكار والاتجاهات التي رصدها، في محاولة لتفسير سلوكيات نشطاء هذه المواقع، وتأثيرها في العقول، ويتمنى الكاتب أن يخرج القارئ بالنهاية بمعلومات تؤهله لعيش هذا الزمن وفقًا لقواعده التي يضعها بنفسه، لا التي تُفرض عليه من صانع المنصة.
مؤلف كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
محمد عبد الرحمن: كاتب وصحفي مصري وناقد فني، تخرج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1997، عمل في عدد كبير من الصحف والمجلات المصرية، ويتولى حاليًّا رئاسة تحرير موقع إعلام دوت كوم.
من أعماله:
الكتاب صفر: كواليس وكوابيس الفبركة الصحفية.
مدينة المليار رأي.