ظهور النقود
ظهور النقود
إن حاجة كل شعب كانت تفضي به إلى التماس مواده الضرورية النافعة المتوافرة عنده مع غيره كتبادل النقود اليوم، لكن هذا التداول ألحق الضرر بالمتداولين فيه، فالماشية تحتاج إلى إيواء ورعاية، وقد تهلك بمرض، وكذلك المحاصيل قد تصاب بفساد، أو قد يلتهمها حريق، أو تكسد سوقها، وفي هذا خسارة وضياع تام للثروة، لذا كان لا بد من وجود بديل يجمع بين المنفعة والبقاء، وهذا ما وجدوه حاصلًا في المعادن، من سهولة الحفظ، وسهولة النقل، كما أنه يمكن تجزئتها على حسب ما تحتاج من السلع، وهذا ما جعل المعادن تقدَّر بأوزان معلومة، يديرها أصحابها الذين كتبوا أسماءهم عليها،
لكن هذا لم يمنع الغشَّ والتزوير فيها، فعمل الحكام على وضع أختامهم عليها ليأمن الناس تزييف المدلسين، ولم تلبث الحكومات أن وجدت من سك العملة وضربها مكسبًا لها، فقامت بذلك، ولما كان الدين هو المسيطر قديمًا، جاءت النقوش دالة على ذلك، حتى تحظى بموضع الاحترام والتقدير من الناس.
قيل إن أول من ضرب العملة هم الليديون الذين سكنوا أزمير، وكان معدنهم يختلط فيه الذهب والفضة، لكنهم غيروا عملتهم إلى عملة أخرى واحدة من الذهب فقط والأخرى من الفضة وذلك جراء المتاعب التي واجهوها، واتخذوا وزنها من خلال حبة القمح.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.