ظلال التربية النبوية
ظلال التربية النبوية
اشتهر الصحابي خوَّات بروايته لحديث الخمر وحديث صلاة الخوف، وهذا لأنه كان من فرسان النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد شهد كل الغزوات وحتى أحداث الفتن الكبرى، وكان في جيش سيدنا علي (رضي الله عنه)، ولأن أغلب العرب في الجاهلية ارتبطوا بالخمر والشعر فكان خوات منهم وعُرف بأنه شديد الافتتان والشهوة بالنساء والشِّعر وحسن الصوت، ورُوي عنه القصة التي اشتهر بها بين المسلمين الجمل الشرود حيث يحكي عن نفسه: نزلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مَرَّ الظهران، فخرجت من خبائي فإذا أنا بنسوة يتحدَّثن فأعجبنني فرجعت فاستخرجت عَيْبتي فاستخرجت منها حُلَّة فلبستها وجئت فجلست معهنَّ، وخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قبَّته فقال: أبا عبد الله ما يجلسك معهن؟ فلما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هبتُه واختلطتُ، قلت: يا رسول الله جمل لي شرد فأنا أبتغي له قيدًا”، وحتى حين مضى تتبعه رسول الله يسأله عن جمله هل ما زال شاردًا فلما خجل منه وقابله بالمسجد قال: فأتيت المسجد فقمت أصلي وخرج رسول الله من بعض حُجَره فجأة فصلى ركعتين خفيفتين وطوَّلت رجاء أن يذهب ويدعني فقال: طول أبا عبد الله ما شئت أن تطول فلستُ قائماً حتى تنصرف، فقلت في نفسي: والله لأعتذرنَّ إلى رسول الله ولأبرئن صدره، فلما قال: السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟ فقلت: والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم، فقال: رحمك الله (ثلاثًا)، ثم لم يعد إلى شيء مما كان، ولجوئه إلى المسجد يدل على صدقه، لكنها النفس البشرية تغلبك تارةً وتغلبها، وها هو خير مربٍّ ومعلم نبي الله يذكِّره ويعلمه بالحُسنى ويتلطَّف معه بالحُب حين قال له أبا عبد الله وينكر عليه فعله بإحياء فطرته بلا زجر.
الفكرة من كتاب خوات في ظلال التربية النبوية
لطالما كان صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأكلون من مأكله ويشربون من مشربه ويتعلَّمون منه في كل صغيرة وكبيرة حتى أنه علمهم الدعاء فكانوا انعكاسًا لتربيته النبوية لهم، وكان نهج حياتهم مع حياته، لذا كان الأولى بنا كمسلمين أن نقتدي بهم بعد رسول الله ونتربى على تربيتهم ونُربي كذلك، ومن إحدى السير المهمة ولكن نوعًا ما انغمست سيرته تقصيرًا منا كان الصحابي الفارس خوات بن جُبير الأنصاري الذي سنعرض كثيرًا من مواقف حياته مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وكيف كان النبي فيها خير معلم ومُربٍّ، وكيف كانت نفوس الصحابة واستقبالهم لهذه التربية العظيمة النبوية.
مؤلف كتاب خوات في ظلال التربية النبوية
الدكتور محمد حشمت باحث وكاتب ومُحاضر، وباحث دكتوراه، وحاصل على ماجستير في العقيدة، وليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وله عدة مؤلفات: “نظرية الدين والتدين”، و”الفهم والوهم”، و”أضغاث أوهام”، و”قراءة في أفكار عبد الجواد ياسين”، و”كعب بن مالك في ظلال التربية النبوية”، و”الرميصاء ظلال التربية النبوية”، و”جابر بن عبد الله ظلال التربية النبوية”.