ظاهرة الأُسَر العلمية
ظاهرة الأُسَر العلمية
يكشف سند الحديث المروي في صحيح البخاري عن ثمرة التربية عميقة الأثر التي جسَّدتها ظاهرة عرفها مجتمع المسلمين الأوائل، ألا وهي ظاهرة الأُسَر العملية، وقد جاء في حديث البخاري: “حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ..” فنرى هنا أن “عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك” يروي عن أبيه “عبد الله بن كعب”، و”عبد الله بن كعب” يروي عن أبيه “كعب بن مالك” رحم الله الجميع! وليس ذلك على الصحابة والتابعين بغريب، إذ نعرف في تاريخنا أُسرًا كرَّست نفسها ووهبت كل طاقتها للعلم والعمل به، وقد ذكر المؤلف أمثلة على تلك الأسر العلمية مثل آل المنكدر: محمد وعمر، وآل عقبة: إبراهيم وموسى ومحمد، وآل عبد الله بن أبي فروة: إسحاق وعبد الحكيم وعبد الأعلى ويونس وصالح وأبي الحسن وإبراهيم وعبد الغفار، فأين نحن من مثل ذلك اليوم؟
وتعد ظاهرة الأسر العلمية مؤشرًا جيدًا على الأجواء العلمية التي عاشتها تلك الأجيال، كما تدلنا على مراعاة جانبي العلم والأدب في تربية ذلك العصر؛ فيظهر الجانب العلمي في حرص الآباء على تعليم الأبناء وحضورهم مجالس العلم، ويظهر الأدب في رعاية أبناء كعب بن مالك (رضي الله عنه) له بدلًا من تكليف الخدم على كثرتهم بذلك.
الفكرة من كتاب إلى من ضاقت عليه نفسه
تشتد الأزمات والصعاب على نفس الإنسان، ولربما كان اليأس أقرب إليه من شِراك نعله مع تجذُّر الهشاشة النفسية في النفوس حاليًّا، وقد يهرب الناس من الصدق إلى الكذب فرارًا من عواقب الصدق دون اعتبار لقيمة الصدق ومحاسن عواقبه الأخرى، وقد يجد بعضهم في المصائب كل الشر وأنه ما من خير فيها قط، وبعضهم يُقعِده الخطأ عن مواصلة المسير، ولو عددنا ما يعتري الإنسان في مواجهة الصعاب لاحتاج ذلك إلى مجلدات، ولكننا في هذا الكتاب نجد تجربة عجيبة للصحابي كعب بن مالك (رضي الله عنه) حدَّث بها كيف بدأت؟ وإلى أي شيء انتهت؟ وقد نُقِلت إلينا لنستفيد منها ونتعلَّم الدروس.
مؤلف كتاب إلى من ضاقت عليه نفسه
يحيى بن إبراهيم اليحيى: ولد عام 1376 هجرية بالسعودية، وشغل منصب وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم، ووكيل مركز الدعوة وعميد شؤون الطلاب بالجامعة الإسلامية.
ومن مؤلفاته: “مشاهدات في بلاد البخاري”، و”أعذار المتقاعسين”، و”أليس في أخلاقنا كفاية”.