طُرق غير تقليدية لتحقيق السعادة
طُرق غير تقليدية لتحقيق السعادة
ما اقترحته الرواقية والبوذية للوصول إلى الحكمة يبدو أمرًا صعبًا، لذا اتجهنا للبحث عن طريق أسهل يضع في حسبانه الطابع الجيد للرغبات البشرية، وتمثَّل الحل في نظرية للكاتب الفرنسي مونتين وأيدها تشوانغ تسيو مؤسس الفلسفة الطاوية، وتدعو هذه النظرية إلى حب الحياة والتمتع بها بانضباط ومرونة وفقًا لطبيعتنا، وقد أُعجب مونتين بسقراط لكنه لام على سقراط إذعانه لحكم الموت، فهو يدعونا ألا نفكر بالموت، لأن الحياة ثمينة جدًّا وتستحق أن نعيرها كل اهتمامنا، وكان يتجنَّب مونتين المتاعب والأهواء التي تُفسد الروح، وقد وجد الحكمة المتوافقة مع طبيعته، ويحثنا كذلك على إيجاد طريق السعادة الذي يناسب طبيعتنا وآمالنا.
نشأت الفلسفة الطاوية في ظل فوضى ما قبل توحيد الإمبراطورية الصينية، ونتيجة لذلك رأى تشانغ تسيو الحل الأمثل في الانسحاب من شؤون العالم والسعي للكمال الفردي، ويعظم مونتين وتسيو الإنسان الذي يرغب في الانسجام مع الطبيعة مُتحرِّرًا من قيود الثقافة والأعراف، ورفض تشوانغ الإقرار بوجود حقيقة كونية واحدة، فلا يمكن تعلُّم الحياة نظريًّا، وإنما لا بد من الغوص فيها، إذًا يمكننا وفقًا لهم أن نعيش بطريقة مرنة بلا مبالاة ونتذوَّق سعادة الوجود دون ملاحقة السبب.
يُحيلنا مبدأ عدم الاكتراث ذلك إلى فكرة الأحمق السعيد عند فولتير وإن لم يُعجب بها، حيث تساءل حول علاقة المعرفة بالسعادة، فهل علينا أن نكون علماء لنصبح سعداء؟ أم أن كوننا علماء يجعل تصوُّرنا عن السعادة أكثر صعوبة؟ فالشخص الجاهل يغوص في سعادة دائمة، ومهما بدت الفكرة جذابة للوهلة الأولى، فإنها تمثِّل رفضًا لجزء كبير من إنسانيتنا يتمثَّل في الفكر والمعرفة، كما أنها سعادة وهمية، وفي بحث العاقل عن السعادة، سيُفضِّل الفكرة الصحيحة التي تجعله بائسًا على الوهم الذي يسعده.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.