طب المكتبات
طب المكتبات
كانت الرعاية الطبية في أواخر العهد القديم في أوروبا قائمة على التقاليد والخرافات إلى أن ألَّف كايليوس أورليانوس في القرن الرابع الميلادي مؤلفات عديدة عن الأمراض المزمنة والحادة كالصداع النصفي وعرق النَّسا وغيرهما من الأمراض الشائعة، فقد كانت مؤلفاته بمثابة ملخص للأمراض وعلاجاتها إلى جانب إسهامات العلماء المسلمين من أمثال أبو بكر الرازي وابن سينا وابن رشد حيث امتدت آثارهم عبر ما يقرب من أربعة قرون، كما عرفوا بالممارسة الطبية الواسعة والفراسة في التشخيص، ولهم العديد من المؤلفات من أبرزها: “القانون في الطب” للرازي، و”القانون” لابن سينا، ويعد ذلك الكتاب كتابًا دراسيًّا متكاملًا، إذ اشتمل على الحكمة الطبية الإغريقية والخبرة الطبية الإسلامية، بالإضافة إلى كتاب “الكليات في الطب” لابن رشد المكوَّن من سبعة أجزاء، والذي اشتمل على موضوعات الطب كلها بدءًا من التشريح إلى العلاج.
كما نشطت حركة الترجمة للعلوم الطبية في ذلك الوقت وظهرت المدارس الطبية الأوروبية، وعلى رأسها مدرسة ساليرنو بجنوب إيطاليا عام 1080م، وقد أدى ظهور الكتب المطبوعة في القرن الخامس عشر إلى تحولات كبيرة في شكل المعرفة الطبية، وكذلك المجلات العلمية في القرن السابع عشر التي عنيت بالأطباء والموضوعات الطبية، وظهرت بعدها المجلات العلمية المتخصصة.
الفكرة من كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
تماشيًا مع فطرة الإنسان في حفظ حياته، وإزالة الألم الذي يقوِّض راحته فقد حرص طوال تاريخه على إيجاد الوسائل التي تعينه على التداوي، ورغم مرور التداوي بأطوار تاريخية مع تطوُّر قوانينه وأساليبه وحتى مع اختلاف بعض أسسه وأدواته بين الأمم، فقد كان في معظم تاريخه لا ينفصل عن الحكمة الإنسانية بما تشمله من دين وفلسفة، حيث ينظر إلى الإنسان على أساس طبيعته الثنائية من الروح والجسد.
وتتابعت محاولات الإنسان على مر العصور للتخلُّص من الألم والمرض واستنتاج وتعلم وسائل التطبيب بدءًا بأبقراط ومن بعده جالينوس، ثم علماء المسلمين الذين كانوا قنطرة انتقال التراث العلمي اليوناني إلى أوروبا انتهاءً بما صار إليه الطب في العصر الحديث إثر التطور التكنولوجي وتزايد البحث العلمي بعد الثورة الصناعية في أوروبا، ويتناول الكتاب باختصار تاريخ الطب وما طرأ عليه من تغيرات ابتداءً بأبقراط حتى العصر الحديث.
مؤلف كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
ويليام باينَم William Bynum: مؤرخ بريطاني، ولِد عام 1943م، حصل على درجة الأستاذية الفخرية في تاريخ الطب من كلية لندن، وعُيِّن رئيس الوحدة الأكاديمية لمعهد ويلكام لتاريخ الطب لسنوات عديدة، وعمل محررًا لمجلة ميديكال هيستوري العلمية في الفترة من عام 1980م إلى عام 2001م، من أشهر مؤلفاته بالتعاون مع روي بورتر: العلم وممارسة الطب في القرن التاسع عشر، وقاموس أكسفورد للمقولات العلمية، والنباتات الرائعة التي تشكِّل عالمنا.