طبيعة عمل العامِل المزرِاع
طبيعة عمل العامِل المزرِاع
يعمل الفلاح طوال العام إلا في الأعياد، ويعتمد في عمله على قوة جسده وبعض الأدوات البسيطة كالفأس الذي يستخدمه في كثير من عمل الأرض، والمحراث الذي هو عبارة عن أداة مدببة من الحديد تُجر عن طريق حيوان لحرث الأرض، كما يشارك الفلاح في عمله بعض الحيوانات كالجاموسة التي يستعملها في حرث الأرض وإدارة السواقي عند ري الأرض، والحمار الذي يستعمله وسيلة للنقل.
والفلاح لا يكاد ما يجنيه من المال يكفيه هو وأسرته سواء كان عاملًا بالأجرة أو كان يمتلك قطعة أرض صغيرة، لذلك يضطر للاستدانة من الغير في معظم أوقاته.
والفلاح يزرع معظم المحاصيل، فيبدأ عمله بتهيئة الأرض عن طريق حرثها، ثم يقوم بعد ذلك بحفر حفر صغيرة كي يضع فيها الحبوب، ثم يتركها مدة حتى تنمو مع المواظبة على ري الأرض بين الحين والآخر، ويعتمد الفلاح معظم الوقت في ري الأرض على الماء الذي يأتي عن طريق القنوات المائية، لكن هناك فترات يقل فيها هذا الماء فيقسم الفلاحون أدوار الري بينهم، وقد يضطر الفلاح للسهر ليالي بأكملها في الحقل كي لا تفوته حصته من الماء، وعند انخفاض الماء عن سطح الأرض يستخدم الفلاح لرفعه الساقية التي تدار بواسطة أحد الحيوانات أو الطنبور الذي هو عبارةٌ عن آلة تدار باليد ترفع الماء عن طريق سرعة الدوران .
ولأن الأرض لا يكفي تركها فترة كافية لتجف قبيل زراعتها كي تستعيد خصوبتها، فتحتاج إلى عوامل أخرى تغذيها، لذا يستخدم الفلاح السماد، والسماد أنواع فهناك السماد البلدي الذي يتكون من فضلات الحمام، أو الطمي الناتج من تطهير الترع، أو السباخ الذي يؤخذ من تحت أرجل الماشية، أو الأكوام القديمة من التراب، وهناك السماد الكيماوي وهو يتكون من النترات أو السوبر فوسفات، وأسمدة النترات تصلح لمعظم الزراعات عدا بعض الزراعات كزراعة الفول التي تحتاج إلى السوبر فوسفات.
عندما ينمو المحصول يأتي وقت الحصاد وتختلف آلية الحصاد باختلاف المحصول، ففي حصاد القمح على سبيل المثال يستخدم الفلاح المنجلة لنزع النبتة من الأرض، ثم يضعها بعد ذلك على هيئة لفافات ليبدأ في عملية الدراس، التي تهدف إلى فصل الحبوب عن الأعواد، والفلاح يترك مساحة ضئيلة من الأرض ليزرع فيها بعض الخضراوات لنفسه ويزرعها دون سماد.
الفكرة من كتاب الفلاحون
يعتبر الفلاح عاملًا مهمًّا في حفظ التوازن الاقتصادي والاجتماعي، ففي وقتٍ من الأوقات كان الفلاحون يمثلون ثلاثة أرباع عدد سكان المجتمع المصري، وكان مجتمع الفلاحين هو مصدر الإنتاج الذي يقوم عليه اقتصاد الدولة. وبرغم ما تتسم به حياة الفلاح من المعاناة والفقر والجهل، فإنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي على مر العصور، والفلاح يستحق أن تكون حياته موضع درس وتحليل للتعرف على جزء لا يتجزأ من كيان المجتمع المصري.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة للتعرف على حياة الفلاح عن طريق الحديث حول طبيعة عمله، وكيفية قيامه به ومحل سكناه وعاداته وصفاته إلى غير ذلك من الجوانب المهمة التي تميز حياة الفلاح المصري عن غيره من فئات المجتمع الأخرى.
مؤلف كتاب الفلاحون
هنري حبيب عيروط: ولد بالقاهرة سنة 1907م، درس بمدرسة العائلة المقدسة للآباء اليسوعيين بالفجالة، ثم سافر إلى فرنسا لدراسة علم الاجتماع وحصل على الدكتوراه وكانت في موضوع دراسة أخلاق الفلاح وعاداته، أسس جمعية المدارس المجانية في قرى الصعيد التي وصل عدد المدارس التي تديرها إلى 100 مدرسة، نشر هذا الكتاب أول مرة عام 1938م في باريس باللغة الفرنسية تحت عنوان “أخلاق الفلاح وعاداته” ثم طُبع مرة أخرى في طبعته الجديدة تحت عنوان “الفلاحون”.
معلومات عن المترجم:
محيي الدين اللبان.
وليم داود مرقص.