طبيعة المجتمع الإسرائيلي
طبيعة المجتمع الإسرائيلي
دولة الاحتلال كغيرها تحوي أعراقًا ومللًا مختلفة، وبصفة عامة يمكن تقسيم مواطني دولة الاحتلال من الناحية العرقية إلى أربعة أقسام؛ القسم الأول اليهود الأشكناز، وهم يهود أوروبا الذين هاجروا إلى إسرائيل، ويمكن القول إنهم يشكِّلون الطبقة الأرستقراطية هناك، فهم يسيطرون على الحياة السياسية والعسكرية، ونظرًا إلى تمتُّعهم بوضع ثقافي متميِّز فقد سيطروا كذلك على مناحي الحياة الفكرية والأدبية والفنية، وحاليًّا تعمل سُلطات الاحتلال على سيادة هذا النموذج الأشكنازي داخل الدولة العبرية.
أما ثاني الأقسام العرقية فيتمثل في اليهود السفارديم، ويطلق هذا المصطلح على اليهود القادمين من البلدان العربية والإسلامية، وهم الوجه المقابل للأشكناز، حيث يتم نعتهم داخل إسرائيل بالجماعة اليهودية المتخلِّفة والبدائية وينقصهم التعليم والاستقلال واحترام الذات، ويتم إقصاؤهم عن مفاصل الدولة الأساسية والوظائف الحيوية، فهم قبائل يهودية تائهة وبائسة، كما أنهم لم يؤدوا دورًا كبيرًا -مقارنةً بالأشكناز- في قيام الحركة الصهيونية وانتشارها، بل كانوا رافضين لها في الكثير من المحافل -على الأقل ظاهريًّا- حيث لاقت الصهيونية إبان نشأتها رفضًا من معظم زعماء الطوائف اليهودية العربية، كما أنهم لم يؤدوا دورًا مهمًّا في عملية الهجرة وإنشاء المستوطنات.
وبعد قيام دولة الاحتلال على أنقاض دولة فلسطين الحبيبة، نشأ القسم العرقي الثالث من النسيج الإسرائيلي ويطلق عليهم مصطلح الصابرا أو (السابرا)، وهم الإسرائيليون المولودون في فلسطين، وذلك لتمييزهم عن اليهود المهاجرين من مناطق مختلفة من العالم، حيث يشكِّلون ثلث المجتمع تقريبًا ومعظمهم من الشباب، ولديهم مواقف متضاربة بشأن بقاء إسرائيل وأحقيَّتها في الوجود، أما القسم العرقي الأخير فهم عرب فلسطين، فبعد إعلان قيام الدولة العبرية في سنة 1948 بقي بعض الفلسطينيين في المناطق المحتلة ومن ثم خضعوا للدولة العبرية التي فشلت جميع محاولاتها لطمس هويتهم ودمجهم في الداخل الإسرائيلي، ومن ثم لجأت إلى ممارسة كل أشكال التمييز العنصري بحقهم على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الفكرة من كتاب تجسيد الوهم.. دراسة سيكولوجية للشخصية الإسرائيلية
أوضح قائد الطيران الإسرائيلي في حديثه -إبان حرب 1967- مفسِّرًا إقدامه على المغامرة بإرسال جميع الطائرات تقريبًا لمهاجمة المطارات المصرية، تاركًا إسرائيل دون غطاء جوي: “لقد كان رأي خبرائنا أن الصورة لن تكتمل أمام صناع القرار في مصر قبل نصف ساعة، وأنه سيمضي نصف ساعة أخرى قبل أن يقرِّر هؤلاء القادة ماذا سيفعلون، وهذه الساعة كانت كل آمالنا وعلى أساسها تم ترتيب كل توقيتات خططنا”.
أقدمت إسرائيل على تلك المغامرة بناءً على صفتين نفسيتين، وهما: التباطؤ في إبلاغ الأنباء السيئة، والتردُّد في التصرُّف حيال المواقف الجديدة، فإذا كانوا يعلمون عنا هذا القدر ويدرسوننا بهذا الأسلوب، فلا عجب فيما نواجهه منذ بدئهم الاستيطان في فلسطين سنة 1882، إن هذا الكتاب وإن كان مجرد خطوة في طريق طويل شاق لفهم الشخصية الإسرائيلية بجوانبها المعقدة، فقد أصبح الآن من مقتضيات العصر الراهن بعد تلك الموجة من التطبيع بين الأنظمة العربية الحاكمة والكيان الصهيوني.
مؤلف كتاب تجسيد الوهم.. دراسة سيكولوجية للشخصية الإسرائيلية
الدكتور قدري حفني، من مواليد 13 أغسطس 1938، حصل على ليسانس الآداب، قسم علم النفس من جامعة عين شمس، والماجستير في عام 1971، والدكتوراه في عام 1974، وقد شغل عدة مناصب أكاديمية بجامعات ومعاهد مصر والعالم العربي.
نال العديد من التكريمات العلمية والأدبية المهمة، من بينها: جائزة الدولة التشجيعية في علم النفس، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة زيور للعلوم النفسية، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، توفي في 5 يونيو 2018.
ترك الدكتور قدري حفني العديد من الكتب والدراسات الفلسفية والسياسية المهمة، كما كان له العديد من الترجمات والأبحاث النفسية والمقالات العلمية والثقافية، ومنها: “دراسة فى الشخصية الإسرائيلية (الأشكنازيم)”، و”لمحات من علم النفس: صورة الحاضر وجذور الماضي”، و”العنف بين سلطة الدولة والمجتمع”.