طبيب التخدير
طبيب التخدير
يُعد التخدير تخصصًا مرهقًا ويحتاج إلى ساعات عمل طويلة وضغوطات عصبية ونفسية عالية، ويعمل طبيب التخدير قبل إجراء الجراحة على فحص المريض للتأكد من أنه لائق للتخدير، ومن ثم وضع خطة للتخدير ومقارنة البدائل الجيدة للمريض من التخدير الكلي أو الموضعي أو الجزئي مع مهدئات ومنومات بسيطة، وفي التخدير الموضعي يتخلل البنج الأنسجة في مكان الحقن لإجراء الجراحة، ويتم تعزيز أثره باستخدام منوم بسيط فيسبِّب غيبوبة لمدة بسيطة وفقدانًا مؤقتًا للذاكرة.
وفي التخدير الجزئي يتم حقن المخدر بحيث يعمل على حزمة عصبية معينة بالإضافة إلى مهدئ أو منوم بسيط لتغييب الوعي لفترة مناسبة للإجراء المطلوب، وأحد أشهر أنواع التخدير الجزئي ما يُعرف بالتخدير العصبي المحوري أو البنج النصفي، حيث يتم فيه تخدير الأعصاب الطرفية الخارجة من النخاع الشوكي عن طريق حقن المخدر تحت الأم العنكبوتية في سائل المخ والنخاع الشوكي، وفي البنج الكلي يبدأ الطبيب بحق عقار بادئ من خلال الحقن في الوريد، ومفعول تلك المادة يستمر لدقائق معدودة ومن ثم يلزم عقار آخر لمواصلة التخدير، وعادةً ما يكون مخدرًا استنشاقيًّا يتم خلطه بالأكسجين أو خليط الأكسجين والهواء أو الأكسجين وغاز أكسيد النيتروز، في بعض الأحيان يتم البدء بالمخدر الاستنشاقي وهذه الطريقة شائعة في الأطفال.
وقد يُترَك المريض ليتنفَّس بشكل طبيعي في حالة التخدير الكلي ولكن عادةً ما يتم حقن مرخٍ للعضلات، لذلك يتم وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي ويتم ضبط إعداداته بناء على حالة المريض الإكلينيكية ونسب الغازات في الدم وميكانيكية الرئة، وغيرها من العوامل الكثيرة المتداخلة والمسؤول عنها جميعًا طبيب التخدير، بالإضافة إلى متابعة حدة الألم بعد العملية ومتابعة توازن سوائل جسد المريض وتقييم العلامات الحيوية واستقرار حال المريض والتدخل بالأدوية والتقنيات اللازمة في الحالات الطارئة، وإرشاد المريض إلى الأوضاع السليمة بعد الحراجة، وغيرها من الأمور التي يكون طبيب التخدير مسؤولًا عنها وعن كيفية التعامل معها.
وهناك اتهام ضمني لأطباء التخدير بأنهم مدمنون، ولا أحد ينكر سهولة وصول أطباء التخدير إلى تلك الأدوية، وأنها متاحة لهم رغم كل المحاذير والاحتياطات التي يبذلها النظام والتي تمثل عامل ضغط على البعض، ومعظم المدمنين من القطاع الطبي يروون ذات الرواية، حيث كانوا متعبين جدًّا والصداع يعصف برؤوسهم، حينها يفكرون في جرعة ضئيلة من المخدر لتدفعهم إلى النوم والتخلص من الألم، هكذا تكون المرة الأولى، وحقيقة الأمر أنه برغم إتاحة وسهولة الوصول إلى تلك الأدوية فإنهم لا يتناولون غير أقراص الباراسيتامول وربما مضادات الالتهاب من غير الستيرويدات كالفولتارين والبروفين.
الفكرة من كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
ما الذي يحدث للجسم تحت تأثير المخدر، ومتى ظهر التخدير بوصفه علمًا مستقلًّا، وما طبيعة عمل طبيب التخدير وما يواجهه من تحديات، وهل حقًّا جرعة البنج الزائدة هي السبب في كثير من مضاعفات الجراحات المختلفة كما هو سائد في الأوساط المختلفة؟! وما مستقبل التخدير كعلم وممارسات. يتناول هذا الكتاب علم التخدير وآثاره وطبيعته ومستقبله في محاولة لأنسنة غرفة العمليات، وهذا ما نلقي الضوء عليه هنا.
مؤلف كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
أحمد سمير سعد: مدرس بقسم التخدير بكلية طب قصر العيني، قاص وروائي ومهتم بتبسيط العلوم، حصل على المركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة فرع القصة القصيرة عام ٢٠٠٩، والمركز الثاني في مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكُتاب فرع القصة القصيرة عام ٢٠١٤، وجائزة الشارقة للإبداع عن مجموعته القصصية “ممالك ملوَّنة”.
له عددٌ من الأعمال الأدبية، منها: رواية “سِفر الأراجوز”، و”تسبيحة دستورية” (نص أدبي)، وله مجموعات قصصية للأطفال مثل: “الضئيل صاحب غيَّة الحمام”، و”طرح الخيال”، ومن أعماله أيضًا كتاب “لعب مع الكون”، وهو كتاب في العلوم وفلسفتها نُشر عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى عدد من المقالات العلمية والأدبية والقصص المنشورة في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية.