طبقات الأعراق النفسية
طبقات الأعراق النفسية
تتفاضل الأعراق البشرية فيما بينها من فروق نفسية ظاهرة، وهي تتعدَّد ما بين فروق عامة مستقرة إلى حدٍّ كبير وفروق ثانوية تتباين في شدة ظهورها وشيوعها بين أمة وأخرى، ولذا انصبَّ الاهتمام على تلك الصفات الأساسية التي وإن كانت قليلةً العدد مقارنةً بنظيرتها من الصفات الثانوية، فهي أشد شيوعًا ورسوخًا بين الأفراد.
ويمكن تقسيم العروق النفسية بصورة أولية إلى أربع طبقات تبدأ أدناها من العروق الابتدائية التي لم تشتم رائحة الثقافة، وإذا كان الفلاسفة يصفون الإنسان بأنه حيوان ناطق، فتلك الطبقة أبعد ما تكون عن معترك الفكر والمنطق، وهي إلى الحيوانية أقرب، ولذا تجدها أقرب المراتب إلى المساواة بين الأفراد، فلا خصيصة لأحدهم على الآخر، فهم على المسافة نفسها من البعد عن الفكر، في حين تختلف الطبقة الدنيا عن الابتدائية في أنها اشتمَّت بعض رائحة الحضارة، لذا فهم أبعد قليلًا عن الحيوانية بقدر هذا الشعاع من الثقافة والفكر.
من ناحية أخرى نجد الطبقة الوسطى أبدعت نماذج حضارية راقية وامتلكت من أسباب الفكر والثقافة الكثير ولم يجاوزها إلا أصحاب الطبقة العليا الذين امتلكوا زمام العلوم وكانت باقي الشعوب عالة على موائدهم، وتبعًا لتلك الفروقات تشكَّلت هوة نفسية بين تلك الأعراق النفسية بعضها وبعض، ففرق بين أمة لا تجيد تعقُّل الأمور وتجنح لملكة التقليد وتصديق الأوهام بصورة مطلقة، وأخرى اتخذت من العقل دليلًا مع ملكة النقد وروح التأمل وإعمال المنطق في الاستنباط، وعلى ذلك تتباين تلك الأمم في تصورها للحياة، ومن ثم تتحدد طرق سيرها، فالأولى تتعثَّر في أذيال الغفلة، أما الثانية فترفل في أثواب الحضارة، ومن هنا يكشف لنا التاريخ أحد أسراره، فكلما استطاعت الأمم أن تضبط غرائزها اكتسبت عزمًا للارتقاء إلى الحضارة، وفي هذا السر تتكشَّف لك عظمة الأمم.
الفكرة من كتاب السنن النفسية لتطور الأمم
إن الذي يستطيع الوصول إلى تلك القوى النفسية الخفية فقد فُتح له باب سر الوجود وأصبحت مصائر الشعوب بيده، ذلك أن الأمم مُسيَّرة بتلك القوى النفسية من مشاعر وأخلاق واحتياجات وطبائع وشهوات وأوهام.
يسلك الكاتب مسلكًا يرتكز على الملاحظة العلمية، في دراسة التاريخ لاشتقاق أحوال صعود الأمم وهبوطها وسبر أغوارها، وكيف تتشكَّل نظرتها إلى الواقع المحيط، كما يدلف إلى نزعاتها النفسية التي تحدد قالبها الفكري والشاعري ومن ثم مصيرها.
مؤلف كتاب السنن النفسية لتطور الأمم
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة والثقافة الشعبية ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، توفي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم مؤلفاته:
روح الجماعات.
حضارة العرب.
سيكولوجية الجماهير.
روح الثورات والثورة الفرنسية.