ضعف وعدم كفاية الرقابة على الأدوية
ضعف وعدم كفاية الرقابة على الأدوية
بعد أن يتم الباحث إجراء التجارب على العقار وتثبت إيجابيته، فإنه لا يزال من غير الممكن لأي طبيب أن يصف العقار للمرضى، إذ لا بد أن يمر العقار على مُراقبي الأدوية، الذين بدورهم يقومون بفحص التجارب التي تُثبت جدوى العقار، ومن ثمَّ يقومون بالتصديق عليه ليتم تداوله في السوق، ويُراقبون أمان تناوله بمجرد طرحه في السوق، بحيث إذا وجدوا أنه غير فعَّال أو له أضرار يسحبونه من السوق، ورغم أن هناك الكثير من المراقبين الشرفاء، فإنهم محاصرون بالعديد من المشكلات، إذ نجدهم يتعرَّضون إلى العديد من الضغوط فيما يُطلق عليه “الأسر الرقابي” وهي العملية التي ينتهي بمقتضاها الأمر بأحد مراقبي الأدوية الحكوميين إلى تعزيز مصالح شركات الأدوية التي من المفترض أن يراقب عليها، وتغليبها على مصلحة المرضى والمصلحة العامة، كما أنه من المفروض أن يكون التصديق على عقار جديد مرتبطًا بمدى فاعلية الدواء، إلا أن الذي نراه هو أن مراقبي الدواء يعربون عن سعادتهم بمجرد أن تُظهِر إحدى الشركات أن علاجها أفضل من لا شيء، أو أفضل من حبة علاج وهمي لا دواء فيها، ومن ثمَّ يتم التصديق على العقار ويُطرح في السوق!
إن مسألة أن يكون الدواء أفضل من لا شيء، تُثير العديد من المشكلات، وعلى رأسها المشكلات الأخلاقية، إذ أن تصديق مراقبي الدواء على مثل تلك العقاقير يحرم المرضى الحقيقيين الدواء الفعَّال الحقيقي، فالمرضى لا يُريدون دواءً قليل الفاعلية أو أفضل من لا شيء، بل يُريدون دواءً يكون أكثر فاعلية من أفضل خيار مُتاح حاليًّا في السوق، وقد وجدت دراسة أُجريت عام 2007 أن نصف العقاقير التي تم التصديق عليها بين عامي 1999 و 2005 لم تخضع لعملية مقارنة بعلاجات أخرى موجودة في السوق، ومع ذلك تم طرحها في السوق!
ولعلك تسأل أيها القارئ كيف يتم التصديق على عقار لا يختلف عن العلاج الوهمي؟! والإجابة أن التصديق على العقار يكون بناءً على النتائج الإكلينيكية البديلة، وليس بناءً على النتائج الإكلينيكية الرئيسة أو الواقعية، فعلى سبيل المثال، تقوم عقاقير “الاستاتين” على تخفيض الكولسترول، ولكنك لا تتناولها لأنك تريد أن تُغيِّر مُعدَّل الكولسترول بناء على اختبار دم أجريته خصّيصى لذلك، بل تتناوله لأنك تهدف إلى خفض قابليتك للإصابة بالنوبات القلبية أو الوفاة، فالنوبات القلبية والوفاة هما النتيجتان الإكلينيكيتان الرئيستان اللتان تهمانا هنا، وتخفيض الكولسترول مجرد نتيجية إكلينيكية بديلة عنهما، فالنتيجية الإكلينيكية البديلة هي نتيجة إجرائية نأمل أن تكون مرتبطة بالنتيجة الإكلينيكية الرئيسة، وهذه هي المشكلة، لأنه كثيرًا ما لا تُترجم النتائج الإكلينيكية إلى فوائد أو تكون مرتبطة بالنتائج الإكلينيكية الحقيقية.
الفكرة من كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
يُبيِّن الكاتب الفساد الذي استشرى في صناعة الدواء، إذ كثيرًا ما يُطرح الدواء في الأسواق ثم سُرعان ما تظهر آثاره الجانبية الوخيمة والضارة ويثبُت فشله، فيتم سحبه من الأسواق بعد أن تسبب في أضرار جسيمة تُفضي إلى المعاناة والألم، بل وقد تكون قاتلة في كثير من الأحيان! والسبب في ذلك شركات صناعة الدواء والباحثون ومراقبو الأدوية.
مؤلف كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
بن جولديكر: هو طبيب بريطاني، وكاتب، ومذيع، درس الطب في كلية “مودلين” بجامعة أكسفورد، ويعمل حاليًّا في هيئة الخدمات الصحية والوطنية في المملكة المتحدة، ومن مؤلفاته:
شرور شركات الأدوية.
العِلم الزائف.
معلومات عن المترجمين:
محمد عبد الرحمن إسماعيل: هو طبيب، ومترجم مصري، تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة، عمل بمجال الترجمة بجوار الطب، لا سيَّما الترجمة العلمية والطبية، ومن كتبه المترجمة:
الثورة العلمية.
الجدول الدوري.
الجزيئات.
القومية.
هبة عبد العزيز غانم: مترجمة مصرية، تخرجت في كلية الألسن جامعة عين شمس، وحصلت على دبلومة الترجمة من كلية الآداب جامعة القاهرة، لها العديد من المراجعات والترجمات للعديد من الكتب في مجالات مختلفة ومتنوعة، ومن ترجماتها:
الواقع.
تجربة البروفيسور.
الخطر!
رحلات الفضاء.