ضرورة تطوير المنهج التقليدي للفكر الإسلامي
ضرورة تطوير المنهج التقليدي للفكر الإسلامي
المقصود هنا بالمنهج التقليدي للفكر الإسلامي ما هو معروف بعلم أصول الفقه، وهذا العلم أو قواعده العامة إنما تمثِّل بديهيات العقل الإسلامي وأُسسه وقواعده العامة كما جاء بها الإسلام، ولكن الأصول كعلم لم يتبلور إلا على يد طبقة كبار العلماء من التابعين وتابعي التابعين التي ظهرت بعد زوال دولة الخلافة الراشدة، والمصادر أو الوسائل الأساسية والقواعد العامة التي يقوم عليها هذا العلم، وهذا المنهج يتمثَّل في مجموعتين: أصول أساسية تتعلَّق بنصوص الكتاب والسُّنَّة، وما يُبنى عليها من قضايا القياس والإجماع، وإلى أصول فرعية وثانوية تتعلَّق بشؤون الاجتهاد والنظر في الحياة الاجتماعية ووقائعها، فنجد أن العلوم والمعرفة الإسلامية منذ ذلك الوقت تم بناؤها وتقسيمها إلى علوم شرعية وعلوم غير شرعية.
إن هذا التصنيف من وجهة نظر الكاتب يعكس خللًا وفصامًا في المنهجية والعقل الإسلاميين، وساعد على ذلك التصنيف عزلة القيادة الفكرية الإسلامية ومحدودية اهتمامها ومزاولاتها الاجتماعية والسياسية، وقد أدى هذا الفصام إلى إهمال العلماء والمفكرين المسلمين شؤون السياسة والحكم ودورها ومجال حركتها وأدائها واستبد بها الحكام، وكانت النتيجة أن ضعفت الأمة وضعف كيانها، وضعف دور السلطة والقانون العام والمؤسسات العامة، وأصبحت الأمة فرقًا ومزقًا وقبائل ودويلات ومجموعات وأفرادًا.
فأزمة القدرة على مواكبة التغيُّرات والتحدِّيات الحضارية لن تحلَّ إلا بتصحيح مسار العقل المسلم، وتصحيح منطلقات الفكر المسلم، وبناء منهجيته العلمية والاجتماعية لتؤهِّله للتعامل المنضبط مع الحياة الاجتماعية في كل ما يتعلَّق بها من الوقائع والأحداث والتحدِّيات والعلاقات والفطر، لأنه إذا صحَّ المنهج صحَّ الفكر، وبالتالي فلا بدَّ من النظر من كثب في أمر منهجية العقل المسلم والفكر المسلم لنتفهَّمها، ونتعرَّف على وجوه النقص والقصور فيها حتى يمكن لنا رسم خطوط مبدئية عامة نحو إصلاحها وإرساء قواعدها.
الفكرة من كتاب أزمة العقل المسلم
إن الأزمة التي تمر بها الأمة الإسلامية أزمة عميقة ومتشعِّبة، ولفهم هذه الأزمة كي يتم التعامل معها بشكل صحيح للقضاء عليها ينبغي معرفة أسبابها وبذل الجهد المطلوب للتخلُّص منها ثم تصحيح أوجه القصور والضعف وإعادة توجيه الأمة إلى المسار الصحيح الذي يضمن مستقبل الإنسانية كافة وليس الأمة الإسلامية فقط.
في هذا الكتاب يعرض الكاتب أزمة الأمة الإسلامية والعقل المسلم المعاصر، ويضعها موضع الفحص الدقيق المكثَّف ليبيِّن لنا جذور الأزمة ومسبِّباتها، ثم يقترح الحلول التي ينبغي أن تُتخذ للخروج من هذه الأزمة وتصحيح مسار الأمة والقضاء على الأمراض والشوائب التي حلَّت بها.
مؤلف كتاب أزمة العقل المسلم
عبد الحميد أبو سليمان: مؤسِّس المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمدير العام الأسبق للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، والرئيس المؤسس لمؤسسة تنمية الطفل، والمؤسس والرئيس الأسبق لجمعية علماء الاجتماعيات المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ومؤسس ورئيس تحرير سابق للمجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية، وُلِد بمكة المكرمة عام 1936م، وحصل على بكالوريوس التجارة في قسم العلوم السياسية من كلية التجارة بجامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من الكلية نفسها، وحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة بنسلفانيا بفيلادلفيا في الولايات المتحدة.
له العديد من المؤلفات والكتب منها: نظرية الإسلام الاقتصادية: الفلسفة والوسائل المعاصرة، والسياسة البريطانية في عدن والمحميات ما بين عام 1799 وعام 1961م، والنظرية الإسلامية للعلاقات الدولية: اتجاهات جديدة للفكر والمنهجية الإسلامية، وبالاشتراك إسلامية المعرفة: الخطة والإنجازات، والعنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي بين المبدأ والخيار: رؤية إسلامية، وقضية ضرب المرأة وسيلة لحل الخلافات الزوجية!