ضرورة الجمال
ضرورة الجمال
هل الجمال نابع من الأشياء، أم من داخل الإنسان ذاته؟ الكثيرون يتساءلون عن كيفية تحديد الجمال في غالب الأوقات، وكيفية اختياره، لكن الجمال في معنى أبسط من كل معيار أو إطار محدد، بل هو كل شيء بسيط نابع من داخلك تراه بعينك وقلبك، دون أن تكون مملوكًا للأغراض المشهورة أو التي يلتف حولها الناس دون رغبة منك فيها، فالجمال يعني عدم الانشغال بشيء، بل تقدير الشيء وألا تكون عبدًا للشيء، فالقليل الذي يلزمك يكمُن فيه الجمال والتواضع، فالجمال ضروري لكي يبلغ الإنسان نوعًا من السعادة والتحرُّر من القيود الوهمية التي تشعل بداخله الحزن؛ الجمال يجعلنا نتأمَّل ونحب، ويخلق لنا حالة من الاستقرار، فقد تكون في غرفة خالية من التحف والزينة لكنَّ بها كرسيًّا مُريحًا ومدفأة تبعث الراحة والدفء وباقة من الزهور اللطيفة وطاولة يُزينها مفرش بسيط وبجانبك نافذة تطل على بستان أخضر أفضل وتجعلك ترى الجمال حقًّا وتبعث فيك الراحة والسعادة من غرفة مليئة بالتحف والرفاهيات والأثاث المُزخرف الذي يجعلها غُرفة صاخبة مكتظَّة بالأشياء فتعطيك رفاهية وراحة مزيَّفة لا تريدها روحك.
تقول مارغريت يورسنار في مذكرات أدريان: “كان يعيش حياة زهد لم يلحظها أحد، ولكن ممارسته الطويلة للزهد لم تحوِّله إلى عجوز حكيم، لقد كان ذوقه مرهفًا في كل شيء؛ الأشخاص والأشياء وطريقته في التكلم”، ففي ثلاثينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية كان المال أقل أهمية من الأناقة، لأن جميع الأسر كانت فقيرة ماديًّا، فكانوا يتميَّزون فيما بينهم في التعليم والقيم واستخدام اللغة وطريقة التكلم وتذوُّق جودة الأشياء، وكانوا يسعون لحياة يومية متزنة مريحة عن طريق الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة البسيطة، بينما حاليًّا هو النقيض تمامًا فقد ظلت اليابان تحافظ على التوازن بين المثالية والجهد.
فالقيام بنظافة وترتيب منزلك يعبر عن جمالك ويساعد الروح ذاتها على النظافة معه ففيها راحة ونظام وبساطة، أدخلي على نفسك سيدتي بعضًا من النظام في بيتك لأنه أساس الجمال ويمنحك شعورًا بالسيطرة مُرضِيًا لذاتك.
الفكرة من كتاب فن البساطة
من آفات العصر الحديث وقوع المجتمع في فخِّ الاستهلاكية المبالغ فيه والإفراط، ونشأت المجتمعات الحديثة بأفرادها على هذه الأفكار حتى أصبحت سمة الحياة العامة، وبشكل خاص مجتمع النساء أصابته لعنة المبالغة والإفراط في الراحة والاستهلاكية، لكن تجد الكاتبة أن فضولها نحو المثالية دفعها لتكتشف حياة أخرى بسيطة في دولة مثل اليابان حتى اتصف نمط الحياة هناك بالبساطة والهدوء، حيثُ كما قالت الكاتبة عن التفكير الياباني بأنه “تقبُّل الحياة كما هي، دون السعي لمعرفة تفسير كل شيء وتحليله؛ تفحصه ونقده، وباختصار العيش على طريقة زن (هو فن الرسم بالألوان المائية)”، تأخذنا في رحلة حول اليابان ومفهوم البساطة التي جعلتها تحيا حياة بسيطة عظيمة، وتوضيح نقاط مهمة مثل المادية وكيفية الاكتفاء بالقليل ومعايير الأخلاق والجمال وغيرها.
مؤلف كتاب فن البساطة
دومينيك لوروا: كاتبة مقالات فرنسية تعيش في اليابان منذ أواخر السبعينيات، حيث تقدم ندوات لأولئك الذين يريدون تبسيط حياتهم، أصبحت معروفة بفضل كتابها “فن البساطة”، الذي نُشر عام 2005، تقول: “أنا لست كاتبة على الإطلاق”، فعندما بدأت في تأليف كتابها من ملاحظاتها الشخصية، كانت بعض المقاطع تستهدف النساء على وجه التحديد، والبعض الآخر إلى الرجال.
ولها عدة مؤلفات أخرى منها: “فن الجوهر: التخلص مما لا لزوم له لإفساح المجال لنفسه”، و”فن القوائم: تبسيط حياتك وتنظيمها وإثراؤها”، و”فن التوفير والسرور”، و”القليل اللامتناهي”.
معلومات عن المُترجمة:
الدكتورة لينة موفق دعبول: سورية الجنسية، وطبيبة تغذية، وألَّفت عدة كتب منها: “النوم والأحلام”، و”أساسيات في التغذية والحميات”، وترجمت “نصائح للأم بعد الولادة”.