ضرب العقائد
ضرب العقائد
طبيعي بعد أن تم التأصيل على ربوبية الإنسان وتعظيمه وأنه المتحكم في مصيره ومصير الكون، أن يتم إنكار عقيدة القضاء والقدر بين ثنايا الكتاب، إحدى قضايا الإيمان الكبرى، وقبل أن نتطرق إلى كيفية إنكار الكتاب لها علينا أن نوضح أولًا ونؤصل لها تأصيلًا إسلاميًّا..
تقوم عقيدة القدر على أركان أربعة، وهي الإيمان بمشيئة الله سبحانه وأن مشيئة العبد داخلة تحت مشيئة الله، والركن الثاني الإيمان بعلم الله سبحانه بكل شيء وأنه لا يخفى عليه شيء، والثالث الإيمان بأن الله خالق كل شيء، فالعبد من خلقه وأفعال العبد المخلوق من خلق الله سبحانه ولا ينفي هذا أن أفعال العبد وأقواله منسوبة إلى العبد نسبة الفعل إلى فاعله، لكنه هو وأفعاله من خلق الله، وأخيرًا الركن الرابع وهو ركن الكتابة، فالله سبحانه كتب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
ثم تأتي الكاتبة وتضرب هذه الأركان كلها بالخرافات والشعوذات، وخصوصًا الركن الرابع، فتنكر الكاتبة وجود اللوح المحفوظ وتنكر البعث، فتقول: “…حياتك أنت من يخلقها ولا أحد سيحاكمها لا الآن ولا في أي وقت”، ما الفائدة من العمل والجذب الذي تروج له الكاتبة إذًا!
كما ادعت ليس هناك ما يُسمى باللوح الذي كُتبت فيه أقدار العباد، ويحق لك أن تملأ حياتك بما تشاء، ويبدو أنها غفلت عن أن للعبد مشيئة واختيارًا وإرادة يسعى بها في الحياة ويختار لنفسه ما يريد، ولا يتنافى ذلك مع أنه لن يخرج في النهاية عما هو مقدر له، يبدو أنه عسير عليها أن تجمع بين الأمرين!
الفكرة من كتاب خرافة السر
أطل علينا قبل عدة سنوات كتاب صُدر إلينا من الغرب المادي، كتاب يدعي أنه يمكنك أن تحقق وتحصل على كل ما تريد فقط من خلال إعمال عالم الأفكار، وظهر لنا بفكرة يحسبها جديدة وهي في الأصل قديمة، ألا وهي فكرة قانون الجذب، القانون الذي يعمل دائمًا، القانون الذي يضمن لك كل خير أو شر بحسب أفكارك أنت، فهو لا يدعو إلى التفاؤل أو الإيجابية المحفزة على العمل كما حسبه الكثيرون السذج من القراء العرب، وإنما يقرر صراحة أن كل شيء حصل لك فهو بسببك، بسبب جذبك له، ومن ثم تستطيع الحصول على ما تريد وتجنب ما لا تريد من خلالك أنت، فأنت أقوى مغناطيس في الكون، وتستطيع أن تتحكم في مادياته!
كلام متهافت كهذا، كيف رُوِّج للعامة؟
بالطبع من خلال الإعلانات، ومن خلال “الأكثر مبيعًا في العالم”، ولأنه يتحدث بلغة سهلة مبسطة عن تسهيل الحياة وتحقيق الأماني وهو الكلام المحبب إلى كثير من الناس، وأيضًا تم الترويج له على أنه من تلك الكتب التي تعزز الثقة بالنفس، وتكسر الحواجز النفسية المانعة من تحقيق الأهداف واستثمار المواهب.
وحتى لا نقع في ما وقع فيه الكثير من القراء الشباب، تعال نلقي نظرة حول هذا النقد لذلك السر الذي لم يكن سرًّا!
مؤلف كتاب خرافة السر
عبدالله العجيري: باحثٌ ومُفكِّر ومهندِس سعودي، حاصل على بكالوريوس أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبكالوريوس هندسة الحاسب الآلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كما حصل على درجة الماجستير عن رسالة بعنوان: برهان الإتقان على وجود الله ودفع شبهات المخالفين عنه، في جامعة الملك فيصل، يعمل حاليًّا مديراً لمركز تكوين للدراسات والأبحاث، مهتم بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة، وله عدد من الكتب المطبوعة، مُحِب للقراءة منذ الصغر، وكانت بدايته مع الثقافة الجادة مع كتاب «صور من حياة الصحابة» للشيخ عبد الرحمن رأفت الباشا.
من مؤلفاته:
شموع النهار.
زخرف القول.
ميليشيا الإلحاد.