ضبط النفس والتغلب على العادات
ضبط النفس والتغلب على العادات
يُوصف الشخص بأنه غير متحكم في نفسه، إذا كان يتصرف دون تفكير، أو يفعل أفعالًا تؤذيه، أو يواجه صعوبة في التخلص من العادات السيئة، أو يكون غير قادر على منع نفسه من فعل أمر ما رغم كونه خطأً، ويُركز علماء النفس على “ضبط النفس” لما له من تأثيرات قوية على عديد من نتائج الحياة الهامة، ومن أشهر الدراسات في هذا الإطار، دراسة “المارشميلو” التي أجراها “والتر ميشيل | Walter Mischel”، إذ اختبر طلابًا في سن الروضة، ووضعهم في غرفة أطلق عليها اسم “غرفة المفاجآت”، وأخبرهم أنه سيذهب ليجلب إليهم بعض الألعاب، وإذا انتظروا عودته، فسوف يتمكنون من الحصول على المكافأة المرغوبة لديهم وهي المارشميلو، لكن في حال لم يرغبوا في الانتظار، يمكنهم دق الجرس لاستدعائهم، وحينئذٍ لن يحصلوا إلا على البسكويت المملَّح.
أظهر غالبية الأطفال درجة عالية من ضبط النفس، بينما عدد قليل منهم تناول المكافأة دون قرع الجرس أو انتظار عودة ميشيل، واعتمدت قدرة الأطفال على التحكم في النفس، ومقاومة إغراء المكافأة على ما إذا كان صنفا الطعام موجودين أمامهم، أم صنف واحد فقط، في الحالة الأولى أظهروا مستوًى متدنيًا من ضبط النفس، وكانت قدرتهم على الانتظار سيئة، إذ لم يصبروا إلا دقيقة واحدة في المتوسط، بينما في الحالة الثانية انتظروا مدة تجاوزت 11 دقيقة في المتوسط، لكنهم عندما أعطوا تلميحًا يشتت انتباههم وذهنهم عن التفكير في المكافأة، تمكنوا من الانتظار لفترة أطول.
بعد مرور 10 سنوات وصف آباء الأطفال الذين أظهروا قدرة عالية على ضبط النفس أنهم يتحدثون بطلاقة، ويجيدون الانتباه، ويمكن الاعتماد عليهم، بينما على الجانب الآخر وصف آباء الأطفال الذين أظهروا درجة متدنية من ضبط النفس أنهم غير ناضجين وعنيدون، وأكثر عرضة للانهيار تحت الضغط. بيد أن النتائج التي ذهبت إليها دراسة المارشميلو لا تكشف بوضوح ما إذا كان الانتظار للحصول على المكافأة هو القرار الصحيح، إذ يمكن أن يكون قرارًا خاطئًا، ومثال على ذلك الأشخاص الذين يعانون الإدمان، فالدراسات لا تقول لنا إن عدم قدرة المدمن على الانتظار سببه الإدمان على المخدرات، أو إن الإدمان هو الذي يدفعه إلى عدم الانتظار، لذا لا يمكن وصف عدم قدرة المتعاطي للمخدرات على انتظار المكافأة بأنه سلوك إدماني.
الفكرة من كتاب صعوبة التخلص من العادات.. ولم يتمسك بها دماغنا؟
إذا سألت أي شخص: لماذا لا تستطيع إجراء التغيير الذي تأمله في نمط حياتك؟ سيجيبك بأنه يفتقر إلى “قوة الإرادة“، وإذا سألت أيًّا من مقدمي الرعاية الصحية: لماذا لا يستطيع بعض الناس تغيير نمط حياتهم إلى الأفضل؟ سيجيبون بالإجابة نفسها، لأنهم يفتقرون إلى “قوة الإرادة“، ومن ثم يقدمون النصائح للمرضى تبعًا لقوة إرادتهم، وفي الحقيقة، يوجد كثير من الأدلة تؤكد على انتفاء العلاقة بين قوة الإرادة وتغيير العادات السيئة، أو اكتساب عادات جيدة، وخلال الكتاب يستعرض المؤلف بشكل علمي آلية تشكيل العادات من خلال عرض كثير من التجارب العلمية، للوقوف على الأساليب الفعّالة للتخلص من العادات السيئة خصوصًا الإدمانية منها.
مؤلف كتاب صعوبة التخلص من العادات.. ولم يتمسك بها دماغنا؟
راسل أ. بولدراك: عالم أعصاب وعالم نفس أمريكي، يعمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل مديرًا مساعدًا لعلوم البيانات في ستانفورد، وعضو معهد ستانفورد للعلوم العصبية، ومدير مركز ستانفورد لعلم الأعصاب القابل للتكرار، ومدير مركز SDS للعلوم المفتوحة والقابلة للتكرار، ومن مؤلفاته:
The New Mind Readers: What Neuroimaging Can and Cannot Reveal about Our Thoughts
Statistical Thinking: Analyzing Data in an Uncertain World
معلومات عن المترجمة:
عائشة يكن: هي مترجمة لبنانية، حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية عن إدارة العلوم، تشغل منصب نائب الرئيس للشؤون الإدارية والطلابية في جامعة الجنان بلبنان، ومن ترجماتها:
الضجيج.
مدخل إلى التفكير الناقد.
الفلسفة تدخل المدارس.
كيف تبقى متوقّد الذهن؟
أنت على وشك ارتكاب خطأ فادح!