صِفة، ومَوصوف، ومعنى
صِفة، ومَوصوف، ومعنى
ذُكِر في الفصل الماضي اعتماد استخدام اللغة الصحفيّة بشكلٍ كبير، إلّا أنها كانت وما زالت -خصوصًا فيما يتعلّق بالأدب والنقد الفنيّ- تستخدم الأسلوب المُتخم بالصفات، وقد اختلفت المذاهب والطُّرق في ترجمة الصفات، غير أن العقبات فيها كانت يسيرة لسهولة الحصول على المُقابل في اللغة العربيّة، لكن يكمن التحدّي في ترجمة الأسماء لأنّها كثيرًا ما تتكون من اسم الفاعل، أو تكون من إحدى المصطلحات الحديثة التي لا يوجد لها تعريب تراثيّ لغيابها عن ثقافة المُجتمع، كما في بعض الكلمات مثل melodrama | ميلودراما، والدغدغة | tickling، والتعنيف | bullying، وهلُّم جرًّا.
أما فيما يتعلّق بالمُصطلح فإن اللغات بدهيًّا تختلف باختلاف المُصطلحات فيها، وتنفرد بمُصطلحاتها عن نظيراتها من اللُّغات، واللُّغة الإنجليزيّة تحديدًا قد حَوَت ثلاثة أنواعٍ من المُصطلح: الأوّل هو المصطلح البحت، وهو الذي لا ينقسم ولا يُبرر في تكوينه، عكس اللغة العربية التي هي لغة منطق وثبات في أصلها، أما الثاني فهو المصطلح الذي يُوحي بالمعنى في خفاء، وهو قريب الصلة بالنوع الأوّل، كما في جملة “to spill the beans” ومعناه الحرفيّ نشر حبّات الفول أو الفاصوليا على الأرض، وهو تعبير يدل على إفشاء السرّ، والنوع الثالث هو الارتباط بين لفظين أو أكثر بناءً على العُرف
، ومَا اتُّفق عليه مُجتمعيًّا، وهو من المنطق بمكان، كما في عبارة “!He jumped for joy” أي فقز فرحًا، وارتباط القفز أو التواثب بالفرح يقابله بالعربيّة عبارة يطير فرحًا، فالطيران أو التواثب ارتبطا بالفرح بناءً على الخلفيّة المُجتمعيّة لكِلا اللُّغتين، وبالإضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة، هناك العديد من الأنواع الأخرى التي تختلف من لغة إلى أخرى حسب طُرق التعبير الخاصة بمُتحدّثيها، وكثيرًا ما تتسبب هذه الطُّرق التعبيريّة الاصطلاحيّة في إثقال المُترجم بالأعباء اللغويّة التي يواجهها في رحلة نقل الثقافات.
الفكرة من كتاب فنّ الترجمة
هذا الكِتاب هو عرضٌ لبعض القضايا المُتعلّقة بفنّ الترجمة، والمذاهب المُتّبعة في أبوابها، وهو موجهٌ بشكلٍ رئيس للمُبتدئين في هذا المجال، وهُم المُحيطون إحاطة مقبولة باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، لكن تنقصهم الخِبرة الكافية للجمع بين نقل المعنى الذي أراده الكاتب بدِّقة من غير إنقاص أو تركيك، وقد ركّز الكاتب على المشكلات الشائعة التي يقع فيها أغلب المُترجمين بناءً على خبرته الطويلة في هذا المجال، وبسبب قناعة الكاتب أن التطبيق أجدى من النظريات المُجرّدة، فقد تعامل مع الترجمة على أنها في أصلها فنٌّ تطبيقيّ،
يحتاجُ إلى المِران والمُمارسة حتى يصل المُترجم إلى المستوى المنشود الذي يليق بهذا الفنّ، ولا يُوجد طريق مختصرٌ لحصولِ ذلك، والتطوّر الحاصل في الحياة الثقافيّة يؤثّر بدوره في اللغة وتركيبها مما يؤثر في الترجمة بالتبعيّة، إذ ليس على الترجمة سيّد، والمترجم غارق في الكثير من المُشكلات التي يواجهها في عمليّة الترجمة، لذا وُجِّه هذا الكتاب حتى يكون أول الخيط في سبيل توجيه المُترجم إلى الحلول العمليّة.
مؤلف كتاب فنّ الترجمة
محمد العناني: كاتب مسرحي وأديب وناقد ومُترجم مصريّ، وُلِد عام 1939م، بمدينة رشيد محافظة البحيرة، حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزيّة وآدابها من جامعة القاهرة عام 1959م، التي عَمِل فيما بعد مُحاضرًا بها بعد حصوله على شهادة الدكتوراه، كما حصل على شهادة الماجستير من جامعة لندن عام 1970م، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ريدنج عام 1975م. لُّقِّبَ بعميد المُترجمين، ورأس قسم اللغة الإنجليزيّة بجامعة القاهرة لستّة أعوام، لهُ العديد من الكتب المُترجمة والمؤلفات الإبداعية، والنقديّة منها: الترجمة الأدبيّة بين النقد والتحليل، والترجمة الأسلوبيّة.