صور تمثيل المثقف
صور تمثيل المثقف
لا فرق بين المثقف والمفكر من ناحية التعريف، فالمهم هو الوظيفة التي يشغلها المفكر أو المثقف في مجتمعه، وقد قسم أنطونيو جراميشي الفيلسوف الماركسي الإيطالي المثقفين من حيث الدور الاجتماعي إلى قسمين: القسم التقليدي وهم الذين يؤدون الوظيفة نفسها جيلًا بعد جيل مثل الكهنة والمعلمين، والقسم الثاني يطلق عليهم اسم المنسقين، وهم يمثلون المثقفين المنخرطين في طبقات ومشروعات يستخدمونها لتنظيم مصالحهم، ومحاولة اكتساب المزيد من السلطة والامتيازات ومظاهر التكريم، مثل خبراء الإعلام والسياسة والمديرين التنفيذيين ومستشاري الحكومة، وأي مجال يتصل بإنتاج المعرفة سواء كان مجال الجماهير أو مجال صناعة المعلومات، ويكون هدفهم الإسهام في تغيير أفكار المجتمع وإقناع أفراده باتخاذ نمط سلوك معين.
بينما يؤمن جوليان بندا الفيلسوف الفرنسي بأن المثقفين هم عصبة قليلة العدد، تتمتع بأخلاق رفيعة نادرة وتمتلك مواهب فريدة تؤهلهم لمنزلة الفلاسفة الملوك، ولديهم ما يكفي من الشجاعة للتفرد بقول الحقيقة المزعجة في وجه السلطة أو المجتمع دون الخوف من العواقب، وهم يمثلون ضمير البشرية الحي.
ويعبر إدوارد عن خوفه على حال المثقف أو المفكر المعاصر في أن يتوه ويختفي تحت تراكم التحليلات والتعريفات والدراسات التي تتناول المثقف أو الثقافة وعلاقتها بأي طرف آخر كالسلطة والمجتمع أو الأيديولوجيات، وينعزل تحت تشعب التخصصات الدقيقة التي حصرته في مساحات ضيقة وفرضت عليه لغة مهنية خاصة لا يفهمها إلا من ينتمي إلى التخصص نفسه، أو يمارس أدوارًا محددة قد رسمت من قبل الحكومات أو الشركات الكبرى لتحقيق مكاسبها ومنافعها الخاصة.
ويرى إدوارد سعيد أن المثقف هو فرد يتمتع بموهبة خاصة تمكنه من حمل مسؤولية رسالة ما، أو تمثيل صورة من موقف ما، أو التعبير عن فئات مستضعفة منسية، ويصعب على الحكومات والشركات الكبرى استقطابه، وله دور اجتماعي في الحياة العامة ولا يمكن اختزاله في صورة مهني يؤدي وظيفة محددة أو فرد ينتمي إلى طبقة ما وحسب، بل يقف طارحًا الأسئلة المحرجة على المواقف التي تمر أمامه، ويمثل احتجاجه تعبيرًا عن الاستياء من الأوضاع السائدة، ويدافع عن المبادئ العامة العالمية كالعدل وحرية الرأي، دون التطلع إلى اكتساب منافع معينة أو انتظار مظاهر تكريم لجهوده وتضحياته، بل عليه فعل هذا كله بدافع الإيمان.
الفكرة من كتاب المثقف والسلطة
لمتابعيها مادة علمية رصينة ممتعة تحت اسم “محاضرات ريث”، وتعرض لهجوم ومعارضة كبيرين لموقفه الناقد لسياسات الولايات المتحدة ودفاعه عن القضية الفلسطينية.
فمن هو المثقف أو المفكر إذًا؟ وما رسالته ومسؤوليته التي ينبغي له تأديتها؟ ما التحديات والقيود التي تقف أمامه لأداء رسالته؟ وكيف تطور صراعه مع السلطة وتنوعت أشكاله؟
هذه الأسئلة الكبرى التي حاول إدوارد سعيد تقديم الإجابة عنها عبر استعراض تحليلات لعدد من المثقفين أو المفكرين ثم الإدلاء بدلوه في كل قضية منها.
مؤلف كتاب المثقف والسلطة
إدوارد سعيد، مفكر وباحث فلسطيني حامل للجنسية الأمريكية، ولد لأسرة مسيحية بالقدس في نوفمبر عام 1935م، تخصص في دراسة الأدب الإنجليزي وحصل على شهادة الدكتوراه فيه بجامعة هارفارد عام 1964م، وعمل أستاذًا بجامعة كولومبيا لمدة 40 عامًا.
يعد من أقوى الناشطين المنتقدين لسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل الخارجية، ممثلًا الصوت الأقوى في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
ظل نشاطه كبيرًا متمثلًا في تجوله بين عدد من الجامعات الكبيرة وتقديمه عددًا كبيرًا من المحاضرات في مجالي السياسة والفكر، حتى توفي عام 2003م بعد صراع دام لعشرة أعوام مع اللوكيميا.
من أهم أعماله وأكثرها تأثيرًا كتاب الاستشراق، الذي انتقد فيه الصور النمطية التي قدمها الاستشراق الغربي عن الدول العربية والإسلامية، وتمييزها المعرفي والعرقي الذي اعتبره تسويغًا للإمبريالية.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد عناني، أديب وكاتب مسرحي ومترجم، ولد بالبحيرة عام 1939م، حصل على البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة عام 1959، والماجستير من جامعة لندن عام 1970م، وعلى الدكتوراه من جامعة ريدنغ عام 1975.
له أكثر من 130 كتابًا باللغتين العربية والإنجليزية ولقب بعميد المترجمين.