صور الحرمان من القرآن والخسارة المترتِّبة عليه
صور الحرمان من القرآن والخسارة المترتِّبة عليه
من أولى هذه الصور عدم الشعور بالخطر، وعدم الشعور بهذا الحرمان، والاقتناع الوهمي بأن الفرد قد أدَّى ما عليه من مجرد قراءة ألفاظ الآيات، قراءةً مجرَّدة من روح القرآن، وعدم الشعور بثقل القرآن الذي يُطلق عليه “تخفيف القرآن” ، فالقرآنُ الكريم قولٌ ثقيل، قال عنه الله (عز وجل) حينما أنزله على رسوله: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾، ثقيلًا بما يحمله من روح من أمر الله، ومن قوةٍ تأثيرية مُزلزلة، ثقيلًا بأثره في القلب، وثقيلًا بما توجه إليه آياته من أعمال، أما الآن فالأمة عوقبت بتخفيف القرآن، وتخفيف القرآن يختلفُ عن تيسير القرآن للذكر في كلِّ زمان ومكان، ولكن تخفيفه أي تخفيف مهابته من القلوب حتى تضيع شيئًا فشيئًا، يُقرأ فلا يجدون له حلاوة، ويُتلى فلا يُصغى إليه ولا يُنتفع به؛ الحرمان الذي نخسر بسببه خسارةً كبيرة، وعلى رأس كل الخسارات التي يخسرها الفرد ثمَّ الأمة عدم إمكانية حدوث التغيير الحقيقي، إذ يصعب تغيير الفرد تغييرًا جذريًّا في الأفكار والمعتقدات والتصورات بعد أن تشكَّلت عنده، ففي مراحل تكوين الإنسان الأولى تمتلئ فراغات المحتوى التكويني والتي تحدد ملامح شخصية الفرد ومعتقداته ومقدَّساته وتصوُّراته عن الحياة والناس، وكلَّما امتلأ هذا المحتوى،كانت إمكانية التغيير بعد ذلك في غاية الصعوبة، تحتاجُ إلى قوة جبارة تتغلغل فيه، وتؤثر فيه، والقرآن هو كلامُ الله (عز وجل) الذي أودع فيه تلك القوة القادرة على التأثير العميق في النفس، وإعادة ضبط بوصلته وفق ما أراد الله، ولنا في الصحابة خير دليل، حيث أحدث القرآن داخلهم تغييرًا شاملًا وانقلابًا على كل ظلام وجاهلية.
الفكرة من كتاب غربة القرآن
يتحدَّث الكتاب عن غُربة القرآن بيننا، وعن غياب روح القرآن، وغياب أثره الجميل عن قلوبنا، كما يأخذ على قرائه الاعتناء بالألفاظ دون المعاني، وإهمال التدبر والتفكُّر، وعدم الشعور الداخلي بهذا الحرمان، فدفع ذلك الكاتب أن يكتب هذا الكتاب، في محاولةٍ لإحياء تلك الروح فينا من جديد.
مؤلف كتاب غربة القرآن
الدكتور مجدي الهلالي: كاتب وطبيب تحاليل طبية وداعية مصري، له العديد من الكتب والمؤلفات في الدعوة والتربية الإيمانية، والتي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية.
ومن مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم”، و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به”.