صورة العرب في الغرب
صورة العرب في الغرب
لقد استقرَّ في أذهان السواد الأعظم من الأوروبيين أن العرب هم الرعاة الأجلاف أو شيوخ البترول أصحاب الثراء الفاحش، نتيجة التصوير الممسوخ المشوَّه، المقصود منذ العصور الوسطى للشرق المسلم، ولا ريب أن الآراء المطلقة المتوارثة تجعل تفهُّم الشعوب بعضها بعضًا أمرًا عسيرًا، كما تجعل احتقار بعضها بعضًا أمرًا هيِّنًا يسيرًا مثلما قال الفرنسي رومان رولاند، مما آل بالغرب إلى حالة مرضيَّة من الكره المتأصل للشرق والإسلام.
وعلى الرغم من جهود بعض المستشرقين في توضيح حقيقة الشرق والمسلمين وإخراج أهم إنجازاتهم في العلوم والفنون المختلفة، فقد بقيت الأحكام الظالمة المتعسِّفة الموروثة عن القرون الوسطى حتى يومنا هذا مغلقة دون المعرفة الموضوعية للنواحي المختلفة للمسلمين من ناحية الدين والتاريخ والحضارة والمعرفة، حيث تسم الإسلام بأنه يشكل خطرًا يهدِّد البشرية والحضارة الإنسانية، وقد أصرَّ الغرب على دفن حقيقة العرب بحزمة من الأحكام المتعسِّفة والافتراءات الجماعية، ما طمس جوهر الشرق والمسلمين.
ولا مراء أن تاريخ الغرب نفسه يثبت بالبراهين الدامغة المخالفة لتلك المزاعم، وحسبنا مثال واحد لتفنيد كل تلك الأباطيل والادعاءات متجسدًا في إسبانيا وما نتج عن حكم الإسلام لها قرابة ثمانية قرون وما أشرقت به على البشرية إنسانيًّا وحضاريًّا.
فإسبانيا قبل الحكم العربي اتسمت بالفقر والخراب والاستعباد ومعاداة الكنيسة للفكر، واستحالت بعد قرنين من الحكم العربي إلى واحة يرفرف عليها الرخاء وازدهار الحضارة والتقدم في كل العلوم والفنون، وصارت منارة يُهتدى بها في شتى المجالات، واستمر ذلك قرابة خمسمائة عام، وذلك ثابت تاريخيًّا بلا جدال، فسماحة النفس العربية وتسامحها الآسر كان له بالغ الأثر في ازدهار إسبانيا العربية.
الفكرة من كتاب الله ليس كذلك
برعت المؤلفة في كشف الستار عن كثير من الأحكام والتحويرات التاريخية والأقوال الخاطئة المقصودة عن العرب والمسلمين، فعمدت إلى توضيح حقيقة الشرق المسلم بإنصاف شواهد التاريخ والحضارة، وتفنيد الشعارات الباطلة من همجية الشرق واضطهاد الإسلام للمرأة وغيرها من المزاعم الغربية المزيفة، فمن المذهل أن ترى من ليس منك يدافع عنك!
مؤلف كتاب الله ليس كذلك
زيجريد هونكه Sigrid Hunke: مستشرقة ألمانية ولدت عام 1913م بمدينة كيل الألمانية، درست الآداب والفلسفة وعلم النفس وعلم مقارنة الأديان، حصلت على شهادة الدكتوراه سنة 1941م، اشتهرت بالدفاع عن العرب والمسلمين، حصلت على العديد من الجوائز مثل جائزة شيلر ووسام النجمة الكبرى بالقاهرة، من أشهر مؤلفاتها: “شمس العرب تسطع على الغرب”، وتوفيت عام 1999م بمدينة هامبورغ عن عمر يناهز الـ86 عامًا، قضتها في البحث عن الحقيقة، ونشر قيم التسامح والتقارب بين الحضارات والثقافات، والإشادة بأثر العرب والمسلمين في تطوُّر حركة الفكر والعلم.