صناعة لحظات الرؤية
صناعة لحظات الرؤية
بخلاف لحظات البهجة، تقدم لحظات الرؤية إدراكات وتحولات ذات مغزًى تبدو من الخارج كأنها تحدث على نحو مفاجئ وبسرعة البرق، ولكنها ليست خارجة عن سيطرتنا بشكل كُلي، فبإمكاننا صناعتها من خلال استراتيجيتين، هما: دفع الآخرين إلى التعثر في الحقيقة، والبحث عن الرؤية بعد فهم أنفسنا بشكل أفضل.
تستند الاستراتيجية الأولى إلى فكرة أن بعض الناس لا يرون الحقيقة حتى يأتي من يجعلهم يتعثرون فيها، درس عالم النفس “رُوي بَاومِيسْتَر” هذه المواقف من الإدراك المفاجئ، واكتشف أن الشيء المشترك في هذه المواقف على اختلافها، أنها تتسم بـ”تبلور الشعور بالسخط”، أي إن هؤلاء الأشخاص كانوا يشكُّون في ما يحدث طوال الوقت ولكنهم كانوا بانتظار تلك اللحظة الحاسمة.
إذًا، كيف يمكن التخطيط لحدوث مثل هذه اللحظات في المؤسسات؟ أفضل مثال يوضح هذه الطريقة، ما فعله “سْكُوت جُوثْري” في شركة “مَايكروسوفت” عندما عانت من صعوبة استخدام خدمة الحوسبة السحابية التي تقدمها، ودعا جوثري إلى اجتماع مع كبار المديرين ومهندسي البرمجيات وطلب منهم بناء تطبيق يستخدم هذه الخدمة، وعندما فشل المديرون في استخدامها، قرروا بأنفسهم إصلاح هذه المشكلة.
الاستراتيجية الثانية لصنع لحظات الرؤية تتمثل في البحث عن الرؤية، وهي مرتبطة بـ”تبلور الشعور بالسخط” أيضًا وتنتج عنها “رؤية الذات”، أي الفهم الناضج لقدراتنا ومحفزاتنا، إذ تتشكل لحظات رؤية الذات بسبب وضع أنفسنا في مواقف تعرضنا لمخاطر الفشل، فتحسين رؤية الذات لا ينتج عن التأمل والتفكير وإنما ينتج عن الأفعال والمخاطرة والتجربة.
ويمكننا الاستعانة بالآخرين حتى يضعونا في المواقف التي تختبر قدراتنا، ويمكن القيام بذلك الضغط البنّاء من خلال الاستعانة بمعادلة مُكونة من جُزأين تتمثل في: المعايير المرتفعة بالإضافة إلى الطمأنة، كأن يكتب المدرس على أبحاث الطلاب “أقول هذه التعليقات لأنني أعلق عليك آمالًا كبيرة وأعلم أنك تستطيع فعلها”.
أما داخل المؤسسات وفي عالم الأعمال يُضاف إلى هذه المعادلة عنصران آخران هما: التوجيه والدعم، كأن يقول المدير: “أنا أعلق عليك آمالًا كبيرة وأعلم أن بإمكانك فعلها، لذا جرب هذا التحدي الجديد وإن لم تنجح فيه سأساعدك.”
الفكرة من كتاب قوة اللحظات: لماذا تُحدث تجارب محددة أثرًا استثنائيًّا علينا
نمر جميعًا في حياتنا بلحظات فارقة وتجارب ذات مغزًى، وأغلبها يحدث مصادفة، مقابلة شخص سيصبح شريكك بعد ذلك في الحياة أو خسارة مفاجئة تؤثر في حياتك، تبدو هذه اللحظات أنها خارج سيطرتنا، ولكن هل هذا صحيح فعلًا؟
تشكل اللحظات الفارقة حياتنا بالفعل، ولكن ليس علينا انتظار حدوثها، وإنما علينا صُنعها، تخيل التأثيرات الممكنة إن استطاع أحد المعلمين تصميم درس يتذكره الطلاب إلى الأبد! أو إذا عرف أحد المديرين كيفية تحويل لحظة فشل إلى نمو!
هذا ما يهدف إليه كتابنا، دراسة اللحظات الفارقة ومعرفة عناصرها، وإثبات أن بإمكاننا صنع هذه اللحظات بأيدينا لتحقيق التواصل مع الآخرين، وتحقيق النجاح في حياتنا العملية والشخصية من خلال تحسين تجربة العملاء والموظفين على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب قوة اللحظات: لماذا تُحدث تجارب محددة أثرًا استثنائيًّا علينا
شيب هيث : أستاذ إدارة الأعمال بكلية الدراسات العليا بجامعة ستانفورد، يُقدم دورات حول الاستراتيجية والمؤسسات، وساعد ما يزيد على 450 شركة ناشئة على تطوير استراتيجياتها التجارية ورسائلها.
دان هيث: مستشار في مؤسسة ديوك للتعليم المشترك، وهو أحد كبار الباحثين في مركز تقدم ريادة الأعمال الاجتماعية في جامعة ديوك، وباحث سابق في كلية الإدارة بجامعة هارفارد.
من أعمالهما:
أفكار وُجدت لتبقى.
الحسم: كيف تتخذ خياراتٍ أفضل في الحياة الشخصية والمهنية.