صناعة لحظات التواصل
صناعة لحظات التواصل
أغلب لحظات البهجة والرؤية والفخر التي ذكرناها تعتبر لحظات اجتماعية، وهي جديرة بالتذكر بسبب وجود الآخرين، لذا ليس غريبًا أن تكون لحظات التواصل هي النوع الرابع والأخير من اللحظات الفارقة.
تأتي لحظات الفخر عندما نشعر بتميزنا كأفراد وعادة يكون هذا التميز نتيجة إنجازاتنا وشجاعتنا، أما بالنسبة إلى الجماعات، فتنشأ اللحظات الفارقة عندما نصنع معنًى مشتركًا ونشعر بالمهمة التي تربطنا معًا، وتوجد ثلاث استراتيجيات لتحقيق ذلك: صناعة لحظة متزامنة، والكفاح من أجل مشكلة مشتركة، والتواصل مع المغزى.
يمكن تحقيق استراتيجية صناعة لحظة متزامنة من خلال الضحك، إذ اكتُشف على عكس المتوقع أن الضحك يرتبط بالعلاقات الاجتماعية أكثر من ارتباطه بالفُكاهة، فنحن نضحك من أجل تقوية الروابط داخل الجماعة والاعتراف بنا جزءًا منها.
أما الاستراتيجية الثانية المُرتبطة بالكفاح من أجل مشكلة مشتركة فتقوم على المعاناة، إذ كشفت إحدى الدراسات أنه عندما يُطلب من غرباء أداء مهمة مؤلمة معًا، كوضع أيديهم في حوض مياه مثلجة، فإنهم يشعرون برابطة أقوى من الغرباء الذي وضعوا أيديهم في مياه ذات درجة حرارة عادية.
إذًا لِمَ لا تُستغل هذه الفكرة من أجل مهمة ذات هدف؟ كتكوين رابطة بين أشخاص يكافحون معًا من أجل حماية البيئة على سبيل المثال، بالطبع لا يعني هذا خلق الصراع عن قصد، وإنما يجب تذكر أن الناس قد يختارون الكفاح من أجل شيء هام.
آخر استراتيجية لتحقيق التواصل مع الآخرين تتمثل في ربط الجماعة بمعنًى أكبر، إذ تبين في استطلاع آراء لما يزيد على 5000 موظف ومدير أن 17% منهم يرون أنه ما دام عملهم يُقدم إسهامًا للآخرين، فهدفهم يتخطى جني المال، كما تبين أن الهدف يتفوق على الشغف من ناحية تأثيره في الأداء الوظيفي.
بالإضافة إلى أن الهدف شيء يستطيع الناس مشاركته، ويساعد على إقامة الروابط بين الأفراد والجماعات، لذا يجب أن يتعلم قادة المؤسسات والمديرون تنمية الهدف في مؤسساتهم وتوحيد الموظفين، وإن لم يكن الهدف الذي ينفع الآخرين واضحًا جليًّا في عملك، فعليك أن تسأل “لماذا؟” غير مرة من أجل الوصول إلى المعنى وإلى الإسهام النهائي الذي يفيد الآخرين.
الفكرة من كتاب قوة اللحظات: لماذا تُحدث تجارب محددة أثرًا استثنائيًّا علينا
نمر جميعًا في حياتنا بلحظات فارقة وتجارب ذات مغزًى، وأغلبها يحدث مصادفة، مقابلة شخص سيصبح شريكك بعد ذلك في الحياة أو خسارة مفاجئة تؤثر في حياتك، تبدو هذه اللحظات أنها خارج سيطرتنا، ولكن هل هذا صحيح فعلًا؟
تشكل اللحظات الفارقة حياتنا بالفعل، ولكن ليس علينا انتظار حدوثها، وإنما علينا صُنعها، تخيل التأثيرات الممكنة إن استطاع أحد المعلمين تصميم درس يتذكره الطلاب إلى الأبد! أو إذا عرف أحد المديرين كيفية تحويل لحظة فشل إلى نمو!
هذا ما يهدف إليه كتابنا، دراسة اللحظات الفارقة ومعرفة عناصرها، وإثبات أن بإمكاننا صنع هذه اللحظات بأيدينا لتحقيق التواصل مع الآخرين، وتحقيق النجاح في حياتنا العملية والشخصية من خلال تحسين تجربة العملاء والموظفين على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب قوة اللحظات: لماذا تُحدث تجارب محددة أثرًا استثنائيًّا علينا
شيب هيث : أستاذ إدارة الأعمال بكلية الدراسات العليا بجامعة ستانفورد، يُقدم دورات حول الاستراتيجية والمؤسسات، وساعد ما يزيد على 450 شركة ناشئة على تطوير استراتيجياتها التجارية ورسائلها.
دان هيث: مستشار في مؤسسة ديوك للتعليم المشترك، وهو أحد كبار الباحثين في مركز تقدم ريادة الأعمال الاجتماعية في جامعة ديوك، وباحث سابق في كلية الإدارة بجامعة هارفارد.
من أعمالهما:
أفكار وُجدت لتبقى.
الحسم: كيف تتخذ خياراتٍ أفضل في الحياة الشخصية والمهنية.