صناعة الملحد
أوضح أنتوني فلو أنه خلال فترة المراهقة بنى إلحاده على سببين، السبب الأول: أنه رأى في مشكلة الشر ووجود الألم وانتشارهما في العالم دليلًا قويًّا يدحض القول بوجود إله كامل الخيرية وكامل القدرة، والسبب الثاني: أن دفاع المؤمنين بالإله بأن الشر هو نتيجة حرية الإرادة وكون الإنسان يملك إرادة حرة لا يعفي الإله الخالق من مسؤوليته في إتقان الخلق؛ كما أنه في حال كنا ندَّعي أن الإله يحبنا فإنه يجب علينا أن نتساءل عن الظواهر التي يستبعدها هذا الادعاء، فالشر والألم والمعاناة تمثل تحديًا لهذا الادعاء القائل بأن الإله يحبنا وأنه كامل الخيرية.
ثم جادل أنتوني في فترة إلحاده بأن النقاش حول وجود الإله يجب أن يبدأ من فرضية أن الإلحاد هو الأصل، وليس كون الإيمان بوجود الإله هو الأصل، وبالتالي يجب أن يقع عبء الإثبات على عاتق المؤمنين بوجود الإله، وليس على عاتق الملاحدة؛ وهذا ما عارضه عالم اللاهوت المسيحي “ألفن بلانتنغا” في المناظرة التي أقيمت عام 1985 حيث أصرَّ بلانتنغا على أن الإيمان بالله هو أمر أساسي، وأن الموحِّدين ليسوا ملزمين بأن يقدموا الحجج التي تثبت صحة ادعائهم، وأن عبء الإثبات يقع على الملاحدة.
وقد أوضح أنتوني أنه قد تبيَّن له أن موضوع وجود الشر والألم في العالم من الناحية الفلسفية والمنطقية مختلف تمامًا عن موضوع وجود الإله، فوجود الإله لا يعتمد البتة على تبرير أو عدم تبرير وجود الشر، وأن الشر لا معنى له إلا في حالة وجود الإرادة الحرة، والإرادة الحرة تعتمد على الاعتقاد بوجود الإله.
الفكرة من كتاب هناك إله .. كيف غيرَّ أشرس ملحد رأيه؟
ظل “أنتوني فلو” لمدة نصف قرن يدافع عن الإلحاد في كل مكان وفي كل مناسبة، مصرحًا بأنه لا يوجد إله لهذا الكون، حتى أنه كان يُعد من أشرس الملاحدة في القرن العشرين، وفي عام 2004 أعلن -فلو- لأول مرَّة أنه يؤمن بوجود إله لهذا الكون، إلا أن الملاحدة أمثال “ريتشارد دوكينز” قاموا باتهام “فلو” بأنه قد أصابه الخَرَف بسبب كبره في السن، وخوفه مما سيؤول إليه بعد الموت، إلا أن “فلو”، وردًّا عليهم كتب هذا الكتاب ليبيِّن لهم وللجميع أنه ألحد عندما كان الدليل الذي بين يديه يشير إلى عدم وجود إله، وأنه الآن قد توافرت العديد من الأدلة التي تشير إلى وجود الإله، وأنه يتبع الدليل حيثما يقوده، حيث يجب على الفيلسوف أن يتبع الدليل أينما يقوده، وهذا ما طبَّقه أنتوني فلو.
مؤلف كتاب هناك إله .. كيف غيرَّ أشرس ملحد رأيه؟
أنتوني فلو ، هو فيلسوف بريطاني، عمل مدرسًا للفلسفة في جامعة أكسفورد، عاش أغلب حياته ملحدًا، إلا أنه في عام 2004 أعلن أنه أصبح مؤمنًا بوجود إله، تُوفِّي عام 2010، ومن أهم كتبه وأشهرها: “هناك إله”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور صلاح الفضلي، حاصل على بكالوريوس في علوم الكمبيوتر، إلى جانب أنه حاصل على درجة الماجستير في الفلسفة.