صفات المُربِّي
صفات المُربِّي
من أهم تلك الصفات أن يكون الأب قدوة، ولا شيء أكبر تأثيرًا من أن يرى طفلك فيك ما تريده منه ولو لم تصرِّح به، قدوة في الأمور العقدية وفي العبادات والسلوك والمعاملات والأخلاق، وكثيرًا ما يقع الآباء في وهم أن الأبناء لا يفهمون ما يحدث فيسيئون أو يكذبون أمامهم، وقد كانت صحابية على عهد الرسول تنادي ابنها فتقول: تعالَ أعطيك، فقال لها النبي وما أردت أن تعطيه؟ قالت تمرًا، فقال النبي: “أما إنك لو لم تفعلي كُتِبتْ عليك كذبة”، وكان الراوي هو الطفل نفسه عبد الله بن عامر لما كبر وقد وعى الموقف.
كذلك من صفات الأب العطف، ولنا في نبي الله أسوة في عطفه وملاعبته أحفاده والتلطُّف معهم يقول يعلى بن مرة: “خرجنا مع النبي ودعينا إلى طعام، فإذا حسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي (صلى الله عليه وسلم) أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفرُّ هاهنا وهاهنا، ويضاحكه النبي حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبَّله”، ولما كان يخطب على المنبر ورأى الحسن والحسين قادمين يتعثران، نزل عن منبره وحملهما ثم قال: “﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما”، فتأمل قوله (ﷺ) لم أصبر، والأب العطوف المحب ينشئ أطفاله مستقرين عاطفيًّا أسوياء نفسيًّا، فالأبناء يتعلمون بالحب ما لا يتعلمون بغيره.
ولا يتعارض العطف والرفق مع أهمية أن يكون الأب حازمًا بطبيعة الحال، فالحزم مهم لتوازن الأبناء وتنشئتهم بنفوس معتدلة سوية، ولا يفسد الأطفال مثل الإفراط في التدليل، فينبغي الحزم مع الطفل إذا أخطأ خطأ كبيرًا وحتى عقابه عند الحاجة، ولكن يكون عقاب المحبِّ للتأديب والتوجيه والإصلاح، لا عقاب الانتقام والتشفِّي، ولا غنى عن أن يكون الأب صبورًا حليمًا مع أبنائه فيصبر على حماقاتهم وطيشهم، ويجتهد ليكتسب ذلك بالتصبُّر والمحاولة.
الفكرة من كتاب كيف تصبح أبًا ناجحًا
يفتتح المؤلف كتابه بحديث نبي الله (ﷺ): “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..”
ولا شك أن جميع الآباء يحبون أبناءهم، ويبذلون كل جهودهم من أجلهم ومن أجل توفير عيش كريم لهم، لكن كثيرًا منهم يغفلون الجانب التربوي والنفسي وينشغلون في دوامة الماديات التي لا تنتهي، غير أن الأولى والأهم والأبقى هو الجانب التربوي والأخلاقي والنفسي، بل هو واجب شرعي على الأب تجاه أبنائه، إذ يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، ونحن في زمن كثُرت فيه الفتن، ولبس فيه الباطل ثوب الحق، فكانت مسؤولية الآباء أعظم وأخطر.
ومن هنا أفرد المؤلف كتابه ليبين للآباء أهم ما ينبغي لهم فعله تجاه أبنائهم، وطبيعة الأطفال في مراحلهم الصغيرة، وصفات المربي الناجح.
مؤلف كتاب كيف تصبح أبًا ناجحًا
عادل فتحي عبد الله: كاتب ومؤلف سعودي، مهتم بالجانب الاجتماعي الأسري والتربوي، له عدد من المؤلفات، منها:
احتياطات حتى لا ينحرف الأبناء.
سلسلة أحسن القصص (قصص القرآن للفتيان).
كيف تفكِّر بطريقة علمية.
أخطاء شائعة يقع فيها الأزواج.