صراع قرب آبار النفط
صراع قرب آبار النفط
منذ نهاية الحرب الباردة وقد سادت العالمَ حِقبةٌ من السلام لم يقطعها إلا القليل من الصراعات والحروب الصغيرة هنا وهناك، وبالرغم من الأبحاث التي ترفع حظوظ نشوب الحروب الأهلية في البلدان النفطية، فإنه يبقى عاملًا جانبيًّا، لكن بالنسبة إلى جميع العوامل الأخرى التي ستُحفز هذه النزاعات، سيبقى النفط مؤثرًا فيها بشكل ما، عوامل مثل الدخل المتدني والاقتصاد المنهار لا يمكن إغفال دورها في نشوب الحروب ولا إغفال دور النفط فيها، لكن كيف يجعل النفط مواطني دولة ما يفضلون وقوع حرب أهلية؟
في هذا السياق يمكن للثروة النفطية أن تمتلك تأثيرات في غاية التناقض، فهي ستزيد من إيرادات الحكومة غير الضريبية، وتضمن للمواطنين مزايا أعلى، لكن تأتي الجغرافيا في الحسبان لترفع قدر مواطني منطقة على أخرى، فلوهلة ستكون تكاليف الحرب الأهلية والاستقلال عن الحكومة المركزية هينة بالنسبة إلى هؤلاء السكان قرب آبار النفط، ما يجعل أمر تمويل جماعات انفصالية لتحقيق هذه الأهداف على المدى البعيد أمرًا يمكن استيعابه.
كما يعد وجود المنشآت النفطية بحد ذاته حافزًا لجشع الزعماء والقادة المحليين أو الانفصاليين، فشركات التنقيب تتبع النفط أينما كان، ومنذ زمن حين ارتفعت الأسعار، ذهبت تلك الشركات بمعداتها إلى مناطق غير مستقرة وشديدة التوتر لاهثة وراء النفط، هذه المنشآت ما إن ينتهي إعدادها وتبدأ بإنتاج أول برميل، يصبح أمر تفكيكها ونقلها غير مطروح، يعرف الجميع هذا الأمر، ويعرفه المتمردون، لذلك يكون الاستيلاء على هذه المنشآت أو عمالها هو خطوتهم وغنيمتهم الأولى.
تتضح هذه العلاقة أكثر في البلدان الفقيرة، حيث تخلو الساحة من فوائد أو مزايا تحث المواطنين على التمسك بدعم حكومتهم، كما يظهر النفط ممولًا أساسيًّا وغنيمة سهلة للمتمردين، يمكننا اعتبار هذه الحالة هي النموذج المتطرف الذي يجتمع فيه النفط الكثير مع الفقر المدقع.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.