صراع الفكر
صراع الفكر
قد نظن أن أفكارنا وآراءنا هي نتاج شخصي تكوَّن على مدار حياتنا، والحقيقة أننا مقلِّدون خاضعون لكثير من العوامل المحيطة بنا والتي تشكِّلنا حتى نواكب سمات المجتمع الذي نعايشه ونألف أفكاره وضوابطه، وبمراقبة السلوك البشري بتمعُّن أكثر نجد أن الإنسان يتصرَّف باستقلالية وثقة إذا ما كان وحده أو مع شخص واحد على الأكثر، لكن إن وجد شخصان يتصرَّفان باختلاف عنه سيهتز ويبدأ بالشك والتوتر، وإن زاد عدد الأشخاص إلى أربعة يفعلون نفس الشيء فسينتهي به الأمر مقلِّدًا لهم متخلِّيًا عما يفعل وإن كان رافضًا لفعلهم لكن الخوف من الرفض والاختلاف سيدفعه لمواكبتهم.
تلك النتيجة ليست كلامًا عبثيًّا من الكاتب، بل هي حصيلة تجارب علماء النفس لنعلم من خلالها أن انقياد العقل وراء الفكر الجماعي سهل جدًّا، وأن البقاء في سرب معين يدفعك للتخلي عن جزء منك شئت أم أبيت، فببساطة لا يمكنك الانعزال عنهم، ولن تستطيع منع تأثُّرك بالرسائل التي يبثها الإعلام وأحاديث الناس، وبخاصةٍ أنها تخاطب اللاوعي فتغسله على المدى البعيد، لذا فالحل الأمثل أن تغسل دماغك بنفسك قبل أن تنال منها توجُّهات المجتمع الخاطئة قبل القويمة، ولا يكون ذلك إلا بإدراك “تأثير الأربعة” الذي وضَّحناه، ثم محادثة النفس وتذكيرها مرارًا وتكرارًا بما يجب أن تكون عليه وبماهية الصواب والخطأ، سيتسبَّب ذلك بغسيل دماغي إيجابي يترك خلفه شعورًا بالراحة، وهو أشبه بتأثير الأمان الذي نستشعره بعد الحوقلة وذكر الله على سبيل المثال.
ولا نستغرب تكرار أهمية “الإدراك” في مواضع كثيرة، فرغم كونه البداية الصادقة لأي تغيير إيجابي، فإنه الفارق الأهم بين العقول، لذلك يعد معيارًا للحكمة والرجاحة، أي كلما أدركت نواقصك وعلمت أن علمك محدود لم ولن يبلغ الكمال زدت درجة على مقياس الذكاء، بينما الشخص الذي “لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري”، وفوق ذلك يظن أنه عالم واستكفى بما علم فهو أجهل الناس وأحمقهم، فحذارِ يا صديقي من معوِّقات التفكير السليم كمسايرة الأغلبية والتحيُّز والغرور.
الفكرة من كتاب نظرية الفستق
تسير الحياة بين كثير من المتناقضات كالعسر واليسر والحزن والفرح، وبين فعل ورد فعل تراها تتبدَّل إلى حال لم تعهده فتدرك مدى هشاشتها، حول هذا المنطلق تحدَّثت نظرية الفستق، تلك النظرية التي وجدت طريقها إلى النور صدفة دون تخطيط من الكاتب، لكن عقل المفكرين الدائم العمل والابتكار أخرج من الموقف العابر قانونًا يصلح لكل الأجيال والأحوال، على ذلك لم يقصر حديثه عليه، بل صاغه في مقال يقع ضمن ما يربو على الستين مقالًا، تتنوَّع مجالاتها بين تطوير الذات وطرق التفكير والإدراك والسلوك الإنساني.
لكن ما علاقة الفستق بمضمون الكتاب؟ هل حب الكاتب له دفعه إلى ابتكار نظرية باسمه؟ أم أن الفستق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الإنسانية؟ تلك تساؤلات لن تجد إجابة لها إلا باكتشاف الصفحات القادمة.
مؤلف كتاب نظرية الفستق
فهد عامر الأحمدي: صحفي سعودي من مواليد عام 1966، تعدَّدت أنشطته بين الترحال والإعلام والتأليف وكتابة المقالات التي بلغت أرقامًا قياسية من حيث العدد، أما من جانب الحجم فقيل إنها توازي خمسين رسالة دكتوراه.
ذاع صيته تحديدًا من خلال زاويته “حول العالم” التي احتلَّت الصفحة الأخيرة في جريدة “المدينة” قبل انتقاله إلى صحيفة “الرياض” عام 2006، فكان لتلك المقالات متنوِّعة المجالات فضل كبير في إثراء الصحافة وجذب القراء، حتى لقب بـ: “أنيس منصور السعودية”، وقد بلغت مؤلفاته ستة عشر كتابًا، من أبرزها:
نظرية الفستق “الجزء الأول والثاني”.
شعب الله المحتار.
أسرار الاستمرار.