صراع العقيدة
صراع العقيدة
في هذا العالم قوتان؛ إحداهما تتسلح بالعلم والتقنية، ولديها ميراث علمي كبير، أهلها أهل علم وصنعة، بلغوا ذروة الإتقان، وأخرى خاضعة لا تملك من أمرها شيئًا، وترغب في مجاراة القوة الغنية، والاقتداء بها، دون وعي أو فهم، وأحيانًا تريد التغلب عليها، دون أي خطة واضحة، أو هدف محدد، ولكنك لو نظرت إلى أفعالها لوجدتها تبذل كل جهدها لاستهلاك ما تنتجه القوة الغنية، وتصدر لها ما لديها من علماء وقامات فكرية ليغذُّوا شريانها.
ولكن باستقراء التاريخ نرى أن القوة المستهلكة الخاضعة أمامها سبيل واحد تستطيع من خلاله الخروج من ركب التخلف، وأن تكون في مصافِ الدول المتقدمة، وأن تتغلَّب على هذه القوة المسيطرة بالعلم والمال، وهذا بأن يكون لها هدف سامٍ تريد الوصول إليه، وعقيدة راسخة تستمد منها المفاهيم والتحركات، يجعلها تغلِّب مصلحتها الجماعية على مصلحة الأفراد، وتخوض معركة ثبت فيها أن الفكر يتغلَّب على العلم، وإلا كان مصيرها الفناء كما فني من قبلها، هذه العقيدة هي عقيدة الإسلام الذي أوضح للإنسان أن الذل في البعد عن الله، وأوضح نبيه أننا سنتبع هذه الأمم حتى لو دخلت جحر ضب لدخلناه وراءها، وأن علينا أن نجتاز مرحلة الإيمان بنجاحٍ أولًا، وبعدها سنكون في عداد المتقدمين وأصحاب الحضارة، ولا يكون إلا بعد تكشف قضية الإيمان والعقيدة، ومعرفة أهميتها في صراع الحضارات والأمم.
الفكرة من كتاب النباهة والاستحمار
يتحدث الكاتب عن النباهة بنوعيها (الفردية) و(الاجتماعية)، ويرى أن “الاستحمار” ينتج عن كل ما هو خارج عن إطار هاتين النباهتين، وأن هذا الاستحمار أصبح معزَّزًا بالعلم، والإذاعة، والتليفزيون، والتربية والتعليم، مما جعل من الصعوبة بمكان التعرف عليه بدقة.
ووسيلة النجاة من شؤم التبعية والتقليد والاستهلاك دون الإنتاج، والاستنزاف الفكري.. بكون هاتين الدرايتين مقياسًا لكل إنسان، وأن أي دافعٍ لتحريف الفرد أو الجماعة عن هاتين النباهتين دافع استحمار، وإن كان من أكثر الدوافع قدسية.
مؤلف كتاب النباهة والاستحمار
علي شريعتي: مفكر إسلامي، ولد في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر عام 1933، وانتقل إلى جوار ربه في الثامن عشر من يونيو عام 1977، حصل على شهادتي دكتوراه من السوربون، الأولى في تاريخ الإسلام، والثانية في علم الاجتماع، وعاد إلى إيران عام 1964، حيث عُيِّن مدرسًا بجامعة مشهد، وأسس حسينية الإرشاد لتربية الشباب عام 1969، واتخذها منبرًا لإلقاء محاضراته، واعتُقل أكثر من مرة، آخرها لمدة 18 شهرًا، وسافر على إثرها إلى لندن، ثم وُجد مقتولًا في شقته بعد 3 أسابيع من وصوله إليها، عن عمر يناهز الـ43 عامًا، وكان هذا قبل الثورة الإيرانية بعامين.
من أهم مؤلفاته: العودة إلى الذات، والنباهة والاستحمار، ومسؤولية المثقف. ويبلغ مجموع ما طُبع له في السبعينيات أكثر من 15 مليون نسخة.