صراع الحكم واستعادة السلطة: رحلة آل سعود من الترحال إلى العودة
صراع الحكم واستعادة السلطة: رحلة آل سعود من الترحال إلى العودة
بعد وفاة الإمام فيصل بن سعود الكبير في عام 1865، دخل أبناؤه في صراع على السلطة؛ الابن الأكبر عبد الله بن فيصل، والابن الثاني سعود بن فيصل. خلال هذه الفترة فقدت الأسرة السعودية السيطرة على ولاية الأحساء والقصيم، وأصبح ابن الرشيد، حاكم جبل شمَّر، القوة الأبرز في المنطقة، الذي تمكن من فصل النزاع القائم بين آل سعود بما يخدم مصالحه، إذ عمل على حماية الأخ الأكبر والأصغر في حائل كضيوف عنده، ونفى أبناء الأخ الثاني بعد موت أبيهم من الرياض، وولى حاكمًا جديدًا على الرياض يحكم باسم أميرها الغائب بشكل مؤقت، غير أن هذا التدبير المؤقت استمر لخمسة أعوام، ولم ينته إلا بيد عبد الرحمن بن فيصل، أصغر أبناء الامام الكبير.
وفي عام 1890، دعا حاكم الرياض آل سعود للقدوم إليه، وهو ما دفع عبد الرحمن بن فيصل للمهاجمة لاستعادة حقوقهم، وتمكنوا من ذلك بالفعل، وأصبح عبد الرحمن أميرًا على الرياض. وبعد مناوشات ومفاوضات مع ابن الرشيد، بقي عبد الرحمن حاكمًا على الرياض تحت سيادة ابن الرشيد، لكن التفاهم مع ابن الرشيد لم يدم طويلًا، إذ حاول عبد الرحمن الاشتباك مع قوات ابن الرشيد دون طائل، وعندما فشل في استعادة السيطرة العسكرية، اضطر للفرار هو وعائلته إلى الصحراء، حتى استقروا في الكويت، حيث نشأ عبد العزيز بن سعود.
في أثناء ذلك، تمكن ابن الرشيد من السيطرة على صحراء بلاد العرب، وحكمها حتى وفاته، ولكن خلفاءه -ولحسن حظ آل سعود- لم يكونوا بنفس الكفاءة، مما سمح لآل سعود بالعودة إلى الرياض في عام 1900 بعد معركة طاحنة بقيادة الشاب عبد العزيز بن سعود، الذي بلغ من العمر عشرين ربيعًا فقط!
الفكرة من كتاب مذكراتي السياسية مع الملك عبد العزيز آل سعود
لنتحدث عن أحد الفصول المدهشة في تاريخ الجزيرة العربية، حيث تتشابك الصراعات مع الطموحات والتحولات الكبرى! ينقل إلينا فيلبي عن قرب قصة شاب، وقصة دولة، إذ يعرض لنا بدقة كيف تمكن عبد العزيز بن سعود من توحيد وتأسيس المملكة العربية السعودية، ويسرد علينا رحلة هذا القائد الملهم، الذي لم يكن له هم سوى تحقيق حلمه في جمع شتات قبائل الصحراء تحت راية واحدة، وبناء دولة قوية ومزدهرة. وقد وقف بثبات وعزيمة وإيمان أمام كل التحديات والصراعات والأزمات التي واجهها، وتجاوزها جميعًا، ليحقق حلمه ويغير مستقبل المنطقة، ويجعلها واحدة من أغنى بقاع الأرض!
مؤلف كتاب مذكراتي السياسية مع الملك عبد العزيز آل سعود
هاري سانت جون بريدجر (عبد الله) فيلبي: مستعرب ومستكشف وكاتب، كان ضابطًا بريطانيًّا له دور بارز في إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. فقد كان له تأثير كبير في تكوين الدول العربية التي نشأت عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية، وأسهم بشكل كبير في تحديد حدودها الجغرافية والسياسية. وصل فيلبي إلى الشرق الأوسط في عام 1914، كان هدفه الأساسي ليس فقط خدمة مصالح بريطانيا، بل أيضًا أن يصبح “أعظم مستكشفي الجزيرة العربية”. كانت رحلاته الاستكشافية في الجزيرة العربية مليئة بالتحديات، إذ واجه صعوبات بسبب السياسات البريطانية التي حاولت تقييد تحركاته، خصوصًا بعد دعمه للأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
اعتنق فيلبي الإسلام في عام 1930، وعُرف بعدها بـ”الحاج عبد الله فيلبي”، وذلك بعد أن قضى سنوات طويلة من العمل والتجوال في العالم العربي، وقد كان إسلامه جزءًا من تحوله الشخصي وافتتانه العميق بالثقافة والحضارة العربية التي كان يدرسها ويستكشفها. له العديد من المؤلفات عن الفترة التي قضاها في شبه الجزيرة العربية، من أهمها:
تاريخ نجد ودعوة محمد بن عبد الوهاب السلفية.
بعثة إلى نجد 1336-1337هـ / 1917-1918م.
مذكرات فيلبي في العراق والجزيرة العربية 1915-1921م.