صدمة الهزيمة وأدب النكسة
صدمة الهزيمة وأدب النكسة
لم تكن هزيمة 1967 بالأمر العادي الذي قد يحدث في أي صدام بين طرفين قد أعدَّا للحرب ولكن لم يسعف أحدهما الحظ، وإنما كانت بسبب بعض الأخطاء التوهُّمية والفكرية التي تملَّكت نفوس العرب، ومنها أنهم دخلوا الحرب وهم يثقون بأنفسهم تمام الثقة بأنهم سينتصرون على الإسرائيليين لدرجة أن الأمر وصل إلى أن كتب بعض المفكرين العرب قبل الحرب، استنادًا إلى منهج معيب في تفسير الشخصية الإسرائيلية، أن اليهود يجنحون إلى الهروب عند مواجهتنا وجهًا لوجه، والطريف في الأمر أن العدو الإسرائيلي شنَّ الحرب بعد نشر المقالة بثلاثة أيام.
على الرغم من أن البلاد العربية سبق لها أن هُزِمت قبل ذلك في حرب 1948فإن هزيمة 67 كانت أشبه بالطعنة التي زلزلت الوعي العربي، وذلك بسبب أن الهزيمة الأولى وقعت في وقت كانت أغلب البلاد العربية تعاني تحت الاستعمار وافتقارها إلى السيادة، إضافةً إلى أن الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية كانت في حالة تدهور وتخلُّف، ما يبرر وقتها الهزيمة، أما بعد 20 سنة من تلك الهزيمة واستقلال معظم الدول وتغير أنظمتها، فلا تنفع تلك الأسباب مرة أخرى.
المفيد بالأمر أن تلك الصدمة الانفعالية التي نتجت عن هزيمة 67 قد أدَّت إلى أن يعيد المثقفون العرب طرح مشكلاتهم وهم بصدد وقفتهم النقدية لتفسير أسباب الهزيمة، ما أدَّى إلى طرح مفهوم جديد وهو ما أطلق عليه أدب النكسة، وهي الكتابات التي حاولت تحليل أسباب الهزيمة سواء من الجانب الفكري أو الفني، وتشمل الكتابات العربية والغربية بما فيها الإسرائيلية.
يمثِّل مفهوم الشخصية القومية أهمية خاصة بالنسبة لدراسة أدب النكسة، وقد تتالت الدراسات والبحوث التي دارت حول الشخصية القومية، ويكاد يجمع الباحثون على أن الحرب العالمية الثانية كانت نقطة انطلاق ضخمة لبحوث الشخصية القومية، وليس هناك خلاف بين الباحثين أن الحاجة العملية التي أملتها المصالح السياسية لبعض الدول، والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، كان لها أكبر الأثر في دفع دراسات وبحوث الشخصية القومية، فعلى سبيل المثال: أدت الحرب العالمية الثانية إلى ضرورة أن يفهم الأمريكيون اليابانيين بغرض السيطرة على الحرب والوصول إلى سلم دائم.
الفكرة من كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
في أول دراسة موثَّقة عن الشخصية العربية، يحاول الكتاب بمنهجية أكاديمية غير جافة النظر إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي بشكل محايد ومن مدخل علم الاجتماع السياسي ومفاهيم الشخصية القومية في محاولة للإجابة على عدة أسئلة: ما النظرة المتحكمة في رؤية الغرب لنا؟ وكيف تمكَّن المثقفون والأكاديميون العرب منهم والإسرائيليون من تحليل قضية الصراع العربي الإسرائيلي من مدخل نفسي اجتماعي.
مؤلف كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
السيد يسين: مفكر سياسي واجتماعي مصري، ولد عام 1933، وشغل العديد من المناصب كرئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والأمين العام لمنتدى الفكر العربي، إضافةً إلى عمله مساعدًا بوزارة الخارجية ومديرًا بوزارة البحث العلمي وأستاذًا لعلم الاجتماع السياسي في المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية والعلوم الجنائية، وقد حصل على العديد من الجوائز؛ أهمها: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، وجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب “الوعي التاريخي والثورة الكونية”، وتوفي في مارس 2017.