صدمة الطلاق
صدمة الطلاق
سنة الله في خلقه أن الافتراق مؤلم، لذا فالموت والطلاق شبحان يهددان العلاقة الزوجية، ويظل المرء في تردد من قرار الطلاق إلى حين لحظة يواجه فيها مصيره، وبعض الزيجات يحدث تقارب بين الزوجين في جوانب كثيرة فيؤثر كل منهما في الآخر سواء في طريقة تفكيره أو في تكيفه مع الحياة، والبعض الآخر لا يكون هناك تقارب ولكن فقط تعوَّد الحياة مع الآخر فتسير الحياة بينهما بقوة دفع العادة والتعود، فالعادات هي داعمة الحياة الزوجية إذا لم يتوافر بها الدفء العاطفي الكافي.
وأنجح العلاقات هي التي يكون فيها كل طرف مهتمًّا بالآخر وملتزمًا ناحيته مع مراعاة ترك مساحة للآخر كي ينمو وتكون له ذات مستقلة، فالإخلاص والحرص على الآخر علامتان تحددان حقيقة المشاعر، ومثل هذه العلاقات لا يهزمها إلا الموت وتكون في مأمن من شبح الانفصال، والطلاق بمثابة الصدمة، فتصاب المرأة بالاكتئاب وتتقلَّب بين مشاعر الثورة والقلق والحزن القاتل وتداهمها الذكريات ولا يعاودها غير الأحداث الطيبة، وهناك امرأة تكره الطلاق وتكره أن تكون مطلقة وإن كان زوجها يرفضها وله علاقة أخرى وتفضِّل أن تعيش في ظروف قاسية ولا تطلق، فزواجها قد يحقِّق لها مكانة اقتصادية واجتماعية معينة وترفض أن تتخلى عنها.
وتتعرض المرأة بعد طلاقها لمشكلات عديدة كرفض المجتمع إياها ونظرة الرجال لها بأنها صيد سهل، وهناك امرأة تكره الوحدة وتفزع من شبح الطلاق وحين تتوقع حدوثه فإنها تهيئ نفسها للارتباط بإنسان آخر قد يكون في خيالها وقد تعده إعدادًا فعليًّا فترتبط به فور طلاقها، وهناك أخرى لا يتوافر لها أن تعدَّ هذا الإنسان فتتسرع في الزواج بآخر وقد لا ينجح.
وتشعر المطلقة بمرارة الفقد ولا تشعر باستقرار إلا بتعويض كامل عما فقدته، وقد تكون المرأة تعسة في زواجها ولكن تستمر حفاظًا على أولادها بالقرب منها، فهم مصدر القوة لها خصوصًا إن اقتربت من سن اليأس، فهم بالنسبة إليها مصدر القوة والاستمرارية وقيمة الحياة، وهنالك أخرى تخشى الطلاق خوفًا من عدم نجاح الزواج الثاني فيكون ذلك تأكيدًا لفشلها، فالطلاق حيرة وألم للمرأة في كل الأحوال سواء سعت أم اضطرت إليه وسواء كانت سعيدة مع زوجها أم تعيسة معه، فهو من أصعب المواقف التي تواجهها المرأة إذا كانت سوية.
الفكرة من كتاب امرأة في محنة
المرأة كالطفل إما أن تعبر عن نفسها على نحو مباشر، وإما أن تكتم مشاعرها وتظهرُ عليها أعراض أخرى كاضطراب النوم أو الطعام أو اختلال السلوك، ومن تلك المواقف الصعبة التي من الممكن أن تواجهها المرأة فقد الشريك أو الطلاق أو الزواج الثاني، وقد تتعرَّض لصدمات في طفولتها فتؤثر في علاقتها بزوجها وأطفالها.
يحاول الكاتب أن يتناول كل تلك القضايا وأثرها في المرأة، فالطب النفسي لا يناقش السلوك الإنساني من منظور أخلاقي قيمي، كما أنه لا يبحث عن المبررات الاجتماعية ليفسر السلوك ولا يقتصر على التأثير المباشر في مشكلات الإنسان المعاصر، بل ينظر إلى سنوات التكوين الأولى ومؤثرات البيئة في مراحل النمو المختلفة والعامل الوراثي، فيتعامل مع كل إنسان كوحدة مستقلة وكيان خاص وقيمة متفردة.
مؤلف كتاب امرأة في محنة
عادل صادق: طبيب نفسي، ولد عام 1943م بمحافظة القاهرة، وعرف بالتفوق والالتزام وبشخصيته الكاريزمية القيادية، حصل على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسيين بلندن عام 1984م، نال جائزة الدولة في تبسيط العلوم عام 1990م، توفي عام 2004م، من أشهر مؤلفاته: “الألم النفسي والعضوي”، و”سيناريو الحياة” و”حكايات نفسية”.