صحة البداية بشير النهاية
صحة البداية بشير النهاية
كثيرًا ما يشير العلماء وأولو الألباب وأصحاب العقول النيرة إلى أهمية البدايات الصحيحة المنهجية، فهي التي مع تكرارها وانضباطها تضمن نجاحًا على المدى البعيد، نعم البدايات في أولها تحتاج مجاهدة وصبرًا طويلًا إلا أنها بمثابة الوقود الذي يُحرق في بداية الانطلاق ليكون الانطلاق من بعده مستقيمًا مستديمًا.
وطريق العلم لا ينضبط بغير نية صحيحة خالصة لله سبحانه، بل تلك النية الخفية التي محلها القلب والتي لا يطلع عليها أحد هي لب العمل ومحركه، وقد رتَّب الشارع عليها أجورًا، فمن همَّ بالحسنة مجرد الهم بها له أجر عليها، وقصة قاتل المائة خير مثال على تأثير النية في مصير الإنسان.
والشواهد من الكتاب والسنة كثيرة في تقرير أمر الإخلاص لله سبحانه في صغير الأمور وكبيرها، فهي محور مركزي في عقيدة المرء أصلًا، يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾، وأما من السنة فالأحاديث كثيرة في التشديد على أمر العناية بأن يكون العمل خالصًا صالحًا لله سبحانه لئلا يؤول هباءً منثورًا في نهاية الأمر، ومن ذلك أنه (صلى الله عليه وسلم) سُئِل عن الرجل يقاتل شجاعة ويُقاتل حمية ويُقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، ويقول (صلى الله عليه وسلم) يصف مشهدًا شديدًا من مشاهد يوم القيامة فيه أنه يقول: “إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استشهد فأُتيَ به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال هو جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار…” أو كما قال (صلى الله عليه وسلم).
وهكذا فإنه لو لم يكن العمل خالصًا صالحًا لوجه الله ردَّه، فهو سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، فإن خالط النية شرك أو خالط العمل رياء فقد حُكم على هذا العمل بالرد والمحق، ولأهل العلم أقوال مأثورة في ذم الرياء وإعجاب المرء بعمله والحث على التواضع، ومن ذلك قول مالك بن دينار: “من تعلم العلم كسره العلم وتواضع، ومن تعلمه لغير العمل زاده فخرًا وتكبرًا”.
الفكرة من كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
كثيرًا ما نرغب في سلوك طريق الاستقامة، أن ننضم إلى ركب السائرين إلى الله الساعين في مرضاته أصحاب الهمم العالية وأن نموت على ذلك، يأتينا خاطر: “إلى متى هذا التخبُّط، وكيف نبدأ بداية صحيحة، وإلى من نذهب ليدلَّنا على الطريق؟”، ويأتي هذا الكتاب ليدلَّ كل طالب علم وسالك لطريق الحق على البداية ويرسم له الخطوط العامة ويبصره بما له وما عليه ويساعده على بناء منهجه وتنظيم يومه، وهو في هذا مبني على أساس من الكتاب والسنة، وهما الأصل والمنطلق لمن يطلب سيرًا بغير ضلال ولا اعوجاج.
مؤلف كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
صلاح الخالدي: كاتب أردني أزهري الدراسة الثانوية، تعلم في كلية الشريعة ثم درس الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكانت رسالته التي أعدها بعنوان “سيد قطب والتصوير الفني في القرآن”، فقد كان متأثرًا تأثرًا كبيرًا بالشيخ سيد قطب، بكتاباته على الأصح، فلم تكن بينه وبين الشيخ علاقة شخصية.
ومن أبرز مؤلفاته:
لطائف قرآنية.
صور من جهاد الصحابة.
ثوابت المسلم المعاصر.