شِرعة الإخاء
شِرعة الإخاء
جاء الإسلام وجعل العدل أساس الحكم بين الناس، فلم يفرق بين غني وفقير ولا لون ولا جنس ولا مكانة مجتمعية، بل معيار الإنسان عند الله صلاحه وتقواه، فساوى بين النساء وبعضهن والرجال وبعضهم فاطمأنت النفوس، وسَنَّ الله (عز وجل) أن الإخاء في الله بين المؤمنين هو أسمى المعاني وأنبل روابط العلاقات، وقد قال (عز وجل): ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، ومعاني الإخاء تتجلَّى في ألا تُفسد على أخيك دينه ولا دنياه، بل أن تكون عونًا له في كل وقت وحين.
والنبي (صلى الله عليه وسلم) كان أكثر الخلقِ حكمة وتطبيقًا لحدود الله في الأرض بالعدل بين البشر كافة، فلم يُفضل أحدًا على أحد، وهذا من صور الإخاء، فحين ضعفت نفس فاطمة المخزومية وسرقت وتأكدوا فبالتالي وجب عليها حد السرقة، وهي من أشراف قريش فلم يوقف هذا النبي عن إقامة حدود الله وساوى بين الجميع، ثم قام وخطب النبي (صلى الله عليه وسلم) فيهم، وقال: “يأيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها”، فلا تشفع لأحد مكانته.
ومن صور الإخاء أيضًا رُوي أن سيدنا عمر كان يمرُّ بسوق الليل، وهو من أسواق المدينة فوجد بائعة لبن ومعها شابة، وكادت أن تخلط المرأة اللبن بالماء حتى نهتها الشابة عن ذلك، وقالت لها: “يا أُمتاه لا تمذقيه ولا تغُشّيه”، فوقف عمر عليها وقال: من هذه منكِ؟ قالت: ابنتي، فأمر عاصمًا فتزوَّجها، ففضَّل سيدنا عمر هنا خُلق الصبية الصالح وأمانتها، وخرج من نسلها أفضل الملوك عمر بن عبد العزيز كانت جدته لأمه، (رضي الله عنهم) جميعًا.
الفكرة من كتاب المرأة العربية في ظلال الإسلام
كانت المرأة في الجاهلية حقوقها منقوصة، وتتمثَّل في أنها رمز للعار وقتلها عِصمة من الذُّل، حتى جاء الإسلام ووهبها حقوقًا وواجباتٍ، وفك أسرها من العار الزائف الذي قُيِّدت به، فأصبحت في الإسلام المرأة المسلمة أمًّا لها دور عظيم وأخرجت من رَحِمَهَا قادة عظماء وعلماء، أصبحت عالمة وشاعرة وكاتبة، بل هي حجر الأساس الذي ينبني عليه المجتمع، ولطالما أبدعت في كثير من مجالات الدنيا والدين حين أخفق بعض الرجال، يأخذنا الكاتب عبد الله بن عفيفي هنا إلى التعرف إلى المرأة العربية وخِصالها وآثارها على مدار التاريخ الإسلامي.
مؤلف كتاب المرأة العربية في ظلال الإسلام
عبد الله بن عفيفي الباجوري: أديب وشاعر وكاتب، ولد في محافظة المنوفية بمصر، التحق بمدرسة دار العلوم وعمل معلمًا بمدرسة المنصورة الابتدائية، واتصل بالملكة نازلي (أم الملك فاروق)، وأهدى إليها كتابه “المرأة العربية”، فنقل محررًا عربيًّا بديوان الملك، ثم صار إمامًا للملك، وكان عضوًا ببعض المؤسسات الخيرية، منها: جماعة مساعدة فقراء مكة والمدينة، وكان رئيسًا لرابطة الأدب العربي، وعضو الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم بالمطرية.
له مؤلفات عديدة، ومنها:
المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (3 أجزاء).
تفسير سورة الفتح وبيان ما اتصل بها من الفتوح الإسلامية والسيرة النبوية (ثلاثة أجزاء).
منهج الأدب، مدرسي، (جزآن).
زهرات منثورة في الأدب العربي، محاضرات ألقاها في كلية الشريعة.