شيطنة العشوائيات وتسليع السكن
شيطنة العشوائيات وتسليع السكن
شاع مصطلح “المناطق العشوائية” في الإعلام، وتم ترويج أن المناطق التي يسكنها الفقراء بمثابة “بقعة سوداء في ثوب سكان المدينة الأصليين”، وأنهم طفيليون وضيوف غير مرغوب فيهم، على الرغم من أننا بالرجوع إلى خرائط القرن التاسع عشر نكتشف أنها ليست مناطق ومدنًا طفيلية، بل هي مناطق ومدن أصلية وقديمة قدم المجتمع، وأصدق مثال على ذلك هو الشيطنة التي تتعرَّض لها مناطق مثل “إمبابة” حيث الدافع من وراء تلك الشيطنة هو الترويج لتلك المدن الجديدة البعيدة -في نظرهم- عن الغوغاء، وليس هذا وحسب، بل أيضًا يتم الترويج في الإعلام والسينما والدراما لفكرة أن تلك المناطق العشوائية -على حد وصفهم- هي مناطق متوحِّشة ينتشر فيها العنف وتنعدم فيها الأخلاق في مقابل المدن الجديدة النظيفة الراقية المسوَّرة الآمنة التي يشعر ساكنوها بالتفوق الاجتماعي والأخلاقي.
وفي خضم ذلك فإنه لا يمكن الفصل بين المدن الجديدة المسوَّرة وبين تسليع الأراضي والعقارات، فارتفاع أسعار العقارات المتزايد يشير بشكل واضح إلى فك الارتباط بين العقارات كسلعة الهدف منها تلبية الحاجة إلى السكن وتحويلها إلى سوق استثماري لجني المال والأرباح، فحسب “مي عبد الحميد” المدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي في تصريح لها في عام 2013: “هناك 30% من الثروة العقارية في مصر هي من الوحدات السكنية المغلقة”، فرغم زيادة العرض في الوحدات السكنية فإن أسعار العقارات في تزايد مستمر، كما تشير الدراسات إلى استحواذ الفئة فوق المتوسطة والغنية على نحو 89% من أراضي القاهرة الجديدة في مقابل استخواذ الفئة الفقيرة على نحو 1.3% منها، وبالتالي فإن غياب العدالة في توزيع الأراضي يدل بشكل قاطع على تسليعها، وكلما زادت أسعار العقارات زاد حرمان الفئة الفقيرة من السكن!
الفكرة من كتاب مُلَّاك مصر.. قصة صعود الرأسمالية المصرية
يبحث هذا الكتاب قصة صعود الرأسمالية في مصر منذ حُكم محمد علي باشا، ومراحل تطورها خلال فترة حكم الأسرة العلوية لمصر وظهور فئة الملاك الزراعيين التي شكَّلت البرجوازية المصرية في تلك الفترة، مرورًا بالإصلاحات التي قام بها نظام يوليو 52 وما تبعه من انغلاق اقتصادي وإنشاء المصانع وخلق فرص العمل، بالإضافة إلى تسليط الضوء على فترة الانفتاح الاقتصادي والسوق الحرة في عهد السادات وما بعدها في عهد مبارك وأثر هذا الانفتاح في مراكمة رأس المال وبزوغ نجم الرأسمالية وشيطنة العشوائيات والترويج لثقافة الكومباوند والمُدن المسوَّرة، إلى جانب تغيير نمط الاستهلاك وانتشار ثقافة الوجبات السريعة.
مؤلف كتاب مُلَّاك مصر.. قصة صعود الرأسمالية المصرية
بيسان كساب، كاتبة صحفية مصرية متخصصة في الاقتصاد، والكاتب الصحفي عمر غانم، والكاتب الصحفي كريم مجاهد، والكاتبة الصحفية آلاء مصطفى، والكاتب الصحفي عبد الحميد مكاوي، والكاتب الصحفي أسامة دياب، تحرير الكاتب الصحفي محمد جاد.