سيدة نيويورك الأنيقة
سيدة نيويورك الأنيقة
قرأت أزرا في الثانية والعشرين من عمرها كتابًا أهدى إليها خريطة طريق للتعامل مع المرضى، فأضاف إليها إذ كانت طبيبة بلا خبرة حينها، وعلمها أن ممارسة الطب تحتاج إلى أهداف سامية وقدر كبير من التعاطف والإنسانية، فالمريض يتشارك مع الطبيب التفاصيل الحميمية في الدقائق الأولى من أول اتصال بينهما، كما علمها تقدير لحظات الحب الخالصة في وسط أعاصير الحزن والقلق، وهذا تحديدًا ما اختبرته أزرا مع كيتي، كانت كيتي في السبعينيات من العمر، وتعاني التعب بسبب عمليات نقل الدم المستمرة، قابلتها أزرا عام ٢٠١٠م، وتشاركتا الحديث عن الكتب والفن والأفلام، سرعان ما تحسنت حالة كيتي مع الريفليميد، وعادت إلى حيويتها المعتادة، وساعدت قصتها المرضى الآخرين على الصمود. بعد ثلاث سنوات من العلاج الناجح انتكست حالة كيتي، إذ توقفت عن الاستجابة للعلاج، وتحول مرضها إلى اللوكيميا، لم تستسلم كيتي، فسافرت واختلطت بالأهل والأصدقاء وقدرت لحظاتها المتبقية، وأتمت الثمانين رغم كل التوقعات، وفي ربيع عام ٢٠١٧م توفيت كيتي، شعرت أزرا بالحزن الشديد، وفكرت في ما تفعله الحكومات لمساعدة المرضى مثل كيتي.
في أواخر السبعينيات، لعبت “ماري لاسكر | Mary Lasker” دورًا حاسمًا في منع قرارات خفض الميزانية لصالح بحوث السرطان التي بدأها الرئيس “نيكسون | Nixon”، فعلى الرغم من استثمار مئة مليون دولار في حرب السرطان التي أعلنها نيكسون حينها، فإن النتائج لم تكن مرضية لعقود، ونُسب انخفاض معدل وَفَيَات السرطان إلى مبادرات مكافحة التدخين فقط، ومع نهاية عقد الألفية الأول كانت مليارات الدولارات قد أُنفقت على أبحاث السرطان، ومع ذلك انخفض معدل الوَفَيَات بنسبة 5% فقط.
لذا لا بد من انتقاد سوء توجيه الأموال، وعدم تجاهل حقيقة واقعنا المؤسفة، فشركات الأدوية لا تهتم سوى بالحصول على موافقة للأدوية التي تمولها، وهو ما يَصُب في حسابها البنكي في النهاية، وهي بذلك تتجاهل المرضى وسلامتهم، واقترحت الكاتبة ضرورة إجراء تغييرات جريئة، منها: توفير الأموال المهدرة على التجارب السريرية ونماذج الحيوانات، وتسخير المجالات السريعة التطور كالنانو تكنولوجي والذكاء الاصطناعي لخدمة أبحاث السرطان بدلًا من الطرائق التقليدية، كما أكدت أهمية تبني نموذج عمل مشترك يجمع الحكومات والمنظمات البحثية المختلفة والعلماء بهدف تطوير تقنيات الكشف المبكر.
الفكرة من كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
لم تكتب أزرا هذا الكتاب خلال شبابها لافتقارها إلى الخبرة الحياتية، وعندما حصلت عليها تغيرت تصوراتها، فالمرض المميت الذي تعالجه علّمها إعادة النظر في مسلمات آمنت بها، علّمها الفرق بين عدم الشعور بالألم والشعور بالراحة، وعلى الرغم من أن القضايا العلمية ستكون عنصرًا أساسيًّا في محتوى الكتاب، فإن السبب الحقيقي الذي دفعها إلى كتابته هو مساعدة مرضى السرطان.
وافق المرضى على رواية قصصهم مع أسمائهم وصورهم الشخصية، أما عن دور أزرا في الكتاب فهو يحمل أبعادًا عدة، فهي طبيبة أورام وباحثة وزوجة ثم أرملة، تشكك في توصيات الخبراء واختيارات العائلات وحتى قراراتها الشخصية، وتطرح عدة تساؤلات، منها: هل قراراتنا مبنية على حقائق ثابتة؟ هل تفتقر الدراسات إلى الكفاءة؟ وإن لم نتمكن من توفير حياة أفضل للمرضى، فهل يمكننا ضمان نهاية أفضل؟ فعندما يتعلق الأمر بالمعاناة البشرية تندمج الدوافع العلمية والعاطفية والطبية والشعرية، فدعونا نسمح لأفكار الكتاب أن تكسر جمودنا.
مؤلف كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
أزرا رازا: طبيبة أورام وباحثة في مجال سرطان الدم، وهي مديرة مركز متلازمة “خلل التنسج النقوي | MDS” في جامعة كولومبيا، وساعدت أبحاثها في مجال سرطان الدم على الكشف عن عديد من ألغاز السرطان، ولها عدة أبحاث ومؤلفات منشورة، منها:
A Tribute to Ghalib: Twenty-One Ghazals Reinterpreted
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.