سياسة أهل الحب
سياسة أهل الحب
لا يخفى على أحد الجدال المستمر بين الفرق الإسلامية، وبخاصةٍ النقاش المحتدم بين أتباع الصوفية والتيار السلفي، ومعظم الوقت يفضي هذا الجدال إلى عداء ورمي بالشرك، ورغم الروابط المتذبذبة بين الطرق الصوفية والحكومة المصرية، حيث يضيق الخناق في بعض الأوقات وتُفتح الأبواب على مصاريعها في معظمها، فقد كانت تلك الطرق هي الحليف المضمون ضد الجماعات الإسلامية في أوقات الخلاف والتنافس السياسي مع الدولة، ويتوقَّف الاهتمام السياسي للمتصوفة عند حدود العامة، وحتى إن ربطتهم علاقات ودية مع رأس الدولة وقدَّموا له نصائحهم في أوقات الحرب، فلم يكن لديهم أي اهتمام بالانخراط في السياسة وألاعيبها، لكن ماذا عن التنافس بين هذه الفرق بعضها وبعض؟
تتعدَّد درجات الولاية سواءً بالنسبة للمستوى الذي وصل إليه الولي من الزهد والتقشُّف والكرامات المتوارثة عنه، أو بناءً على علمه ومعرفته بالله، ورغم الجدال حول طبيعة هذه الكرامات وأهميتها حتى بين أهل التصوف، فإنها تجد ذيوعًا وتأثيرًا كبيرًا عند العامة، ولذلك فهناك الأولياء الشعبيون الذين لم يحصلوا على أي قدر من العلم، لكنهم اجتذبوا عواطف العامة، وفي حالة الطرق الصوفية فلا يوجد عداء صريح بينها، بل أحيانًا ينتقل بعض المريدين من طريقة إلى أخرى أو ينتسبون إلى أكثر من طريقة، فتلك الفوارق تتلخَّص في مظاهر وتفاصيل يسع الجميع الاختلاف حولها كما سيأتي.
الفكرة من كتاب الموالد والتصوف في مصر
إن التلاحم بين العناصر الدينية وغيرها في الشرق الأوسط، يظهر بشكل واضح في العديد من الممارسات الصوفية، تلك المشاعر المختلطة بين الخشوع والرجاء، والرغبة والرهبة، تذهل كل من يعاينها ويختلط بأصحابها، وقد شهد الدكتور الهولندي نيكولاس تلك الموالد، ووثَّق حوادثها بمشاعر الرحالة، واختلط بالمشايخ والمريدين لينقل لنا صورة معاصرة لتلك المذاهب، وهي بالتالي مختلفة بالكامل عن الصورة الأكاديمية والنماذج الذهنية المُعدَّة لها، ولا يختصُّ الكتاب بالخلافات المذهبية بين الصوفية وغيرهم بشكل مباشر، فقط إنها عين أوروبي يوثِّق الأفكار التي لم يرَها خارج الكتب من قبل.
مؤلف كتاب الموالد والتصوف في مصر
نيكولاس بيخمان: وُلِد في هولندا عام 1936م، والتحق بجامعة لايدن في هولندا، حيث درس اللغات الشرقية؛ العربية والتركية، وحصل على درجة علمية في الدراسات الإسلامية، كما عمل سفيرًا لهولندا في الأمم المتحدة، وشغل منصب السفير الهولندي في القاهرة بين عامي 1984 و1988 م.
من مؤلفاته:
سكوبيا أحباب الله.
العيش في التصوف.
معلومات عن المترجم:
رؤوف سعد: درس الصحافة والمسرح وعمل بهما، ويقيم حاليًّا في هولندا، وله عمل روائي بعنوان “بيضة النعامة”.